نحن اليوم مع قصه النهاية 00 نعم النهاية التي لطالما غفلنا أو تغافلنا عنها مع أننا مستيقنين بها . إنها اللحظات الأخيرة من عمر لعله يكون طويلا أو قصيرا..
أنها اللحظات التي قال المولى عز وجل : { كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق } . نعم عباد الله إنه الفراق ... إنه ليس فراقا عاديا وليست رحله عاديه يودع فيها المرء أهله وذويه فترة ثم يعود إليهم وليست تجربه حرة يؤديها الإنسان فإن فشل فيها لجأ إلى غيرها حتى يرتاح إلى نتائجها .إنها تجربة نادرة مع المرء .. ورحلة إلى عالم آخر وفراق في غاية الألم والحرقة .
إنها لحظات تكون فيها حالة الزفير أطول من الشهية ويضيق مجرى التنفس حتى وكأن المرء بتنفس من ثقب إبرة والمهم هنا وقبيل توديع الحياة في اللحظات الأخيرة .. في الدقائق الأخيرة من العمر .. بماذا يتلفظ الإنسان ؟
مما يشار إليه هنا أن المرء لا يقدر أن يتلفظ بما خطط له في حياته ولا يستطيع أن يقول الكلمات التي دبلجها سابقا الله اكبر ما أعظمها من لحظات .
القصــــــة الأولــــى
إنه يقرأ القرآن
شخص يسير بسيارته سيراً عادياً , وتعطلت سيـــــارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة . ترجّل من سيارته لإصـلاح العطل في أحد العجلات وعندما وقف خلف السيارة لكي ينزل العجلة السليمة . جاءت سيارة مسرعة وارتطمـــــــــت بـــه من الخلف .. سقط مصاباً إصابات بالغة .
يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق : حضرت أنا وزميلي وحملناه معنا في السيارة وقمنا بالاتصال بالمستشفى لاستقباله شاب في مقتبل العمر .. متديّن يبدو ذلك من مظهره . عندما حملناه سمعناه يهمهم .. ولعجلتنا لم نميز ما يقـــــــول , ولكن عندما وضعناه في السيارة وسرنا .. سمعنا صوتاً مميزاً إنه يقرأ القرآن وبصوتٍ ندي .. سبحان الله لا تقول هــــــــــذا مصاب .. الدم قد غطى ثيابه .. وتكسرت عظامه .. بل هـــــو على ما يبدو على مشارف الموت .
استمرّ يقرأ القرآن بصوتٍ جميل .. يرتل القــــــــرآن .. لم أسمع في حياتي مثل تلك القراءة . أحسست أن رعشة ســـرت في جسدي وبين أضلعي . فجأة سكت ذلك الصوت .. التفــــت إلى الخلف فإذا به رافعاً إصبع السبابة يتشهد ثم انحنى رأســه قفزت إلي الخلف .. لمست يده .. قلبه .. أنفاسه . لا شيء فارق الحياة .
نظرت إليه طويلاً .. سقطت دمعة من عيني..أخفيتــــها عن زميلي.. التفت إليه وأخبرته أن الرجل قد مات.. انطــــــــــلق زمــيلي في بكاء.. أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف.. أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثر.
وصلنا المستشفى.. أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الرجــل.. الكثيرون تأثروا من الحادثة موته وذرفت دموعهم.. أحدهـم بعدما سمع قصة الرجل ذهب وقبل جبينه.. الجميع أصروا على عدم الذهاب حتى يعرفوا متى يُصلى عليه ليتمكنوا من الصلاة عليه.اتصل أحد الموظفين في المستشفى بمنــــــــزل المتوفى.. كان المتحدث أخوه.. قال عنه.. إنه يذهب كل اثنين لزيارة جدته الوحيدة قي القرية.. كان يتفقد الأرامل والأيتام.. والمساكين.. كانت تلك القرية تعرفه فهو يحضر لهم الكتـــب والأشرطة الدينية.. وكان يذهب وسيـــــــارته مملوءة بالأرز والسكر لتوزيعها على المحتاجين..وحتى حلوى الأطفــال لا ينساها ليفرحهم بها..وكان يرد على من يثنيه عن الســــــــفر ويذكر له طول الطريق..إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته.. وسماع الأشرطة والمحاضرات الدينية.. وإنني أحتسب عند الله كل خطوة أخطوها..
من الغد غص المسجد بالمصلين .. صليت عليه مع جموع المسلمين الكثيرة .. وبعد أن انتهينا من الصلاة حملناه إلــــى المقبرة .. أدخلناه في تلك الحفرة الضيقة ..
استقبل أول أيام الآخرة .. وكأنني استقبلت أول أيام الدنيا *
الزمن القادم ــ عبد الملك القاسم .
القصــــة الثـانيــــــة
وهذا شابٌ في سكرات الموت يقولون له : قل لا إله إلا الله .فيقول: أعطوني دخاناً. فيقولون: قل لا إله إلا الله .
فيقول: أعطوني دخاناً. فيقولون : قل لا إله إلا الله علــه يختم لك بها. فيقول : أنا برئٌ منها أعطوني دخاناً .
شريط الشيخ على القرني / الإيمان والحياة
القصــة الثالثــة
وشابٌ آخر كان صاداً وناداً عن الله سبحانه وتعالى وحلت به سكرات الموت التي لابد أن تحل بي وبك .
جاء جُلاسه فقالوا له : قل لا إله إلا الله . فيتكلم بكل كلمة ولا يقولها . ثمّ يقول في الأخير أعطوني مصحفاً ففـــرحوا واستبشروا وقالوا : لعله يقرأ آية من كتاب الله فيختم له بها
فأخذ المصحف ورفعه بيده وقال:
أشهدكم إني قد كفرت برب هذا المصحف .
المصدر السابق
القصــــة الرابعـــة
توبة شاب .. معاكس
حدثت هذه القصة في أسواق العويس بالرياض . يقول أحــــــد الصالحين : كنت أمشي في سيارتي بجانب السوق فإذا شـــــاب يعاكس فتاة , يقول فترددت هل أنصحه أم لا ؟ ثم عزمت علــى أن أنصحه , فلما نزلت من السيارة هربت الفتاة والشاب خـاف توقعوا أني من الهيئة ,فسلمت على الشاب وقلت : أنا لســــت من الهيئة ولا من الشرطة وإنما أخٌ أحببت لك الخير فأحببـــت أن أنصحك . ثم جلسنا وبدأت أذكره بالله حتى ذرفت عيناه ثــم تفرقنا وأخذت تلفونه وأخذ تلفوني وبعد أسبوعين كنت أفتــش في جيبي وجدت رقم الشاب فقلت: أتصل به وكان وقت الصباح فأتصلت به قلت : السلام عليكم فلان هل عرفتني , قال وكيــف لا أعرف الصوت الذي سمعت به كلمات الهداية وأبصرت النور وطريق الحق . فضربنا موعد اللقاء بعد العصر, وقــدّر الله أن يأتيني ضيوف, فتأخرت على صاحبي حوالي الساعة ثم ترددت هل أذهب له أو لا . فقلت أفي بوعدي ولو متأخراً, وعندمــــــا طرقت الباب فتح لي والده . فقلت السلام عليكم قال وعليكــــــم السلام , قلت فلان موجود , فأخذ ينظر إلي , قلت فلان موجـود وهو ينظر إلي باستغراب قال يا ولدي هذا تراب قبره قد دفنــاه قبل قليل . قلت يا والد قد كلمني الصباح , قال صلى الظــهر ثم جلس في المسجد يقرأ القرآن وعاد إلى البيت ونام القيلولـــــة فلما أردنا إيقاظه للغداء فإذا روحه قد فاضت إلى الله . يقــــول الأب :ولقد كان أبني من الذين يجاهرون بالمعصية لكنه قبــــل أسبوعين تغيرت حاله وأصبح هو الذي يوقظنا لصلاة الفجــــر بعد أن كان يرفض القيام للصلاة ويجاهرنا بالمعصية في عقــر دارنا , ثم منّ الله عليه بالهداية .
ثم قال الرجل : متى عرفت ولدي يا بني ؟
قلت : منذ أسبوعين . فقال : أنت الذي نصحته ؟ قلت : نعم
قال : دعني أقبّل رأساً أنقذ أبني من النار
شريط نهاية الشباب منوع
القصــة الخـامسة
سقر وما أدراك ما سقر
وقع حادث في مدينة الرياض على إحدى الطرق السريعة لثلاثة من الشباب كانوا يستقلون سيارة واحدة تُوفي اثنان وبقــــــــي الثالث في الرمق الأخير يقول له رجل المرور الذي حضـــــــــر الحادث قل لا إله إلا الله . فأخذ يحكي عن نفسه ويقول :
أنـــــا في سقر .. أنــــــا في سقر حتى مات على ذلك . رجـــــل المرور يسأل ويقول ما هي سقر ؟ فيجد الجــواب في كتاب الله {سأصليه سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . لواحةٌ للبشر ...} { ما سلككم في سقر . قالوا لم نكُ من المصلين ...}
شريط كل من عليها فان .. منوع
القصــة الســادسة
تـــــوبة محمد
يقول أحد الشباب :
نحن مجموعة من الشباب ندرس في إحدى الجامعات وكان من بيننا صديقٌ عزيزٌ يقال له محمد . كان محمد يحيي لنــا السهرات ويجيد العزف على النّاي حتى تطرب عظامنــــــا.
والمتفق عليه عندنا أن سهرة بدون محمد سهرةٌ ميتـــــــة لا أنس فيها.
مضت الأيام على هذا الحال. وفي يوم من الأيام جاء محمد إلى الجامعة وقد تغيّرت ملامحه ظهر عليه آثار السكينــــة والخشوع فجئت إليه أحدّثه فقلت : يا محمد ماذا بك؟ كـأن الوجه غير الوجه. فرد عليه محمد بلهجة عزيزة وقـــال :
طلّقت الضياع والخراب وإني تائبٌ إلى الله. فقال له الشاب على العموم عندنا الليلة سهرة لا تفوّت وسيكون عندنـــــا ضيفٌ تحبه إنه المطرب الفلاني . فرد ّ محمد عليه : أرجو أن تعذرني فقد قررت أن أقاطع هذه الجلسات الضائعـــــــة فجنّ جنون هذا الشاب وبدأ يرعد ويزبد . فقال له محمـــد:
اسمع يا فلان . كم بقي من عمرك؟ ها أنت تعيش في قوة بدنية وعقلية . وتعيش حيوية الشباب فإلى متى تبقى مذنباً غارقاً في المعاصي . لما لا تغتنم هذا العمر في أعمال الخير والطّاعات وواصل محمد الوعظ وتناثرة باقة ٌمن النصائـح الجميلة . من قلبٍ صادق من محمد التائب. يا فلان إلى متى تسوّف؟ لا صلاة لربك ولا عبادة . أما تدري أنك قد تمــوت اليوم أو غداً . كم من مغترٍ بشبابه وملك الموت عند بابـــه كم من مغتر عن أمره منتظراً فراغ شهره وقد آن إنصرام عمره . كم من غارقٍ في لهوه وأنسه وما شعر . أنه قــــد دنا غروب شمسه . يقول هذا الشاب : وتفرقنا على ذلـــك وكان من الغد دخول شهر رمضان . وفي ثاني أيام رمضان ذهبت إلى الجامعة لحضور محاضرات السبت فوجـــــــدت الشباب قد تغيّرت وجوههم . قلت : ما بالكم ؟ قال أحدهم:
محمدٌ بالأمس خرج من صلاة الجمعة فصدمته سيــــــارة مسرعة .. لا إله إلا الله توفاه الله وهو صائم مصـــلّي الله أكبر ما أجملها من خاتمة .
قال الشاب : صلينا على محمد في عصر ذلك اليوم وأهلينا عليه التراب وكان منظراً مؤثراً
المصدر السابق
القصـــة السـابعة
مصيبــــــــــــــة
أتوا بشاب إلى جامع الراجحي بالرياض بعد إن مات فـــي حادث لكي يُغسل . وبدأ أحد الشباب المتطوعين يباشــــــر التغسيل وكان يتأمل وجه ذلك الشاب. إنه وجهٌ أبيــض وجميل حقاً لكان هذا الوجه بدأ يتغير تدريجياً من البياض إلى السمرة . والسمرة تزداد حتى أنقلب وجهه إلى أسود كالفحم . فخــــرج الشاب الذي يغسله مسرعاً خائفاً وسأل عن وليّ هذا الشاب . قيل له هو ذاك الذي يقف في الركن ذهب إليه مسرعاً فوجده يدخن . قال : وفي مثل هذا الموقف تدخن ماذا كان يعمل أبنك؟
قال : لا أعلم . قال : أكان يصلي؟ قال: لا والله ما كان يعــرف الصلاة. قال: فخذ أبنك والله لا أغسله في هذه المغسلة ثم حُمل ولا يُعلم أين ذُهب به .
المصدر السابق
----------------------------
كان لأحد الملوك وزير حكيم وكان الملك يقربه منه ويصطحبه معه في كل مكان.
وكان كلما أصاب الملك ما يكدره قال له الوزير "لعله خيراً" فيهدأ الملك.
وفي إحدى المرات قُطع إصبع الملك فقال الوزير "لعله خيراً"
فغضب الملك غضباً شديداً وقال ما الخير في ذلك؟!
وأمر بحبس الوزير.
فقال الوزير الحكيم "لعله خيراً"
ومكث الوزير فترة طويلة في السجن.
وفي يوم خرج الملك للصيد وابتعد عن الحراس ليتعقب فريسته، فمر على قوم يعبدون صنم فقبضوا عليه ليقدموه قرباناً للصنم ولكنهم تركوه بعد أن اكتشفوا أن قربانهم إصبعه مقطوع..
فانطلق الملك فرحاً بعد أن أنقذه الله من الذبح تحت قدم تمثال لا ينفع ولا يضر وأول ما أمر به فور وصوله القصر أن أمر الحراس أن يأتوا بوزيره من السجن واعتذر له عما صنعه معه وقال أنه أدرك الآن الخير في قطع إصبعه، وحمد الله تعالى على ذلك.
ولكنه سأله عندما أمرت بسجنك قلت "لعله خيراً" فما الخير في ذلك؟
فأجابه الوزير أنه لو لم يسجنه.. لَصاحَبَهُ فى الصيد فكان سيُقدم قرباناً بدلاً من الملك... فكان في صنع الله كل الخير
---------------------
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
أمّا بعد: إلى كل أب حريص على ذرّيته عليه أن يأخذ العبره من هذه القصه حتى وإن شك في صحّتها، أقول وبالله التوفيق، أن التربيه الصالحه تكون سببا في رجوع المرء إلى الجاده في كثيرا من الأحيان وهذا ما حصل مع صاحب هذه القصّه، ولا تنسوا أنّ دعاء الوالدين لأبنائهم وليس عليهم يكون سببا في صلاح الأولاد، اللهم اهدينا واهدي بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى.
آمين… آمين… آمين]
………………………
هذه قصة حقيقية من بريد الجمعة بجريدة الأهرام بتاريخ اليوم 29 /5 /2008
ياريت كلنا نقراها ونراجع نفسنا في كل اللي بنعمله ونقف مع نفسنا ونشوف قد ايه ربنا سترنا في أوقات كتير ونقول لنفسنا يا ترى هيسترنا لحد امتى واحنا عملنا ايه لربنا علشان يفضل ستره علينا اقرأوا بقلوبكم
ســتر الله
{ هذه الرسالة كان يجب أن تكون بين يديك منذ عامين, ولكنني لم أستطع أن أكتبها إلا الآن فقط, بعد أن صفيت الكثير من حسابي لنفسي ومع الآخرين, فوجدت فرضا علي أن أرسلها إليك حتي يستريح ضميري, هذا إذا كتب الله له الراحة!
أنا ـ سيدي ـ رجل في نهاية الأربعينيات, نشأت في أسرة متوسطة, مستورة, كان أبي وكذلك أمي, صالحين, تعبا في تربيتي وأشقائي كثيرا, وأصرا علي أن نحصل جميعا علي مؤهل عال, ونجحا في ذلك. منذ طفولتي وأنا متمرد, طموح, أحلم بالثروة والوجاهة, لذا التحقت بكلية تؤهلني للعمل الخاص, وما أن تخرجت, حتي التحقت بمكتب لأحد رجال الأعمال الكبار, وبدأت تحقيق حلمي الكبير.
لم أكن متدينا, علي الرغم من بيئتي الدينية.. لا أحرص علي أداء الصلوات, وإن كنت حريصا علي صلاة الجمعة, بحكم العادة, ولأنه لم يكن مقبولا من والدي أن أجلس في البيت وقت الصلاة. لم أجد غضاضة يوما في الجلوس في البارات أو الملاهي الليلية. وكنت أتعامل مع شرب الخمور علي أنها وجاهة اجتماعية, تضعني في طبقة أخري, وتتيح لي الجلوس مع شخصيات لم أكن أحلم بالجلوس معها, بل وأصادقها, فالسكر يزيل الفوارق ويقرب المسافات, بل يسقطها تماما. لذا فقد نجحت في مصادقة رئيسي في العمل, ووصلت إلي رئيس المؤسسة, ووصلت إلي مرتبة رائعة في سنوات قصيرة.
كان لدي نهم شديد للخطيئة, أبحث عنها إن لم تأت إلي, بدون أي تأنيب للضمير.. لم يكن يؤلمني إلا وجه أمي الذي يصادفني عند عودتي إلي البيت وقت صلاة الفجر, فتقبلني وهي تدعو لي ربنا يهديك يا بني وينور طريقك ويحبب فيك خلقه ويبعد عنك أولاد الحرام ثم تختم دعاءها بسؤالها التقليدي: مش هتصلي الفجر يا بني.. صل واشكر ربنا علي نعمه عليك, فأرد عليها: طبعا هصلي دلوقتي, ثم أهرب منها وأنا نصف واع, ونصف متألم. فأستسلم للنوم, لأصحو وأواصل زحفي.
في سني عمري المبكرة, أدمنت أيضا العلاقات النسائية, لم أفرق يوما بين زوجة صديق, ابنة جار, قريبة, أو حتي صاحبة مصلحة أو حاجة.
استمرت حياتي هكذا, حتي اهتزت حياتي بوفاة والدي وعمري يلامس الثلاثين.. توقفت مع نفسي بعد أن واريت جثمانه الثري ورأيت المقر الذي سأذهب إليه, فعدت إلي الله وتبت علي ما فعلت, واصطحبت والدتي وذهبنا إلي حج بيت الله الحرام. ومع الحزن الذي كانت تعيش فيه أمي, إلا أنها كانت سعيدة بهدايتي, ففاتحتني في أمر الزواج, فرحبت علي الفور, ووجدتها فرصة, للخلاص نهائيا من الوقوع في الخطيئة.
سيدي.. خلال شهور قليلة, اشتريت شقة جديدة, ورشحت لي والدتي فتاة من العائلة, علي خلق وجمال, فسعدت بها, وأتممنا زواجنا بسرعة شديدة.. كان الله كريما معي إلي أقصي حد.. فقررت أن أبتعد عن الأجواء التي كنت أعيشها.. تركت العمل وأسست مكتبا خاصا, وكأن زوجتي هي مفتاح الخير, رزقني الله من حيث لا أحتسب, فانتعشت أحوالنا, وانتقلنا خلال عام واحد إلي شقة أوسع في منطقة أرقي.. كنت راضيا, سعيدا بحياتي, خاصة بعد أن رزقني الله بطفلة مثل البدر. لن أستطيع أن أصف لك, كيف كانت تسير أيامي, نجاح يلاحق نجاحا, ومع هدوء واستقرار في البيت, حتي كنا محط حسد وغبطة كل من حولنا.
خمس سنوات مرت علي زواجي واستقراري, حتي حدث الإنقلاب الكبير. ذات يوم زارتني في مكتبي سيدة, شديدة الجمال, جاءت لي كي أتولي بعض قضاياها. في اللحظة الأولي التي رأيتها, حدث لي اضطراب شديد.. تمنيتها, اشتهيتها.. وجدت نفسا أخري غير التي كنتها, تلك النفس الفاجرة التي عايشتها سنوات. لا أخفيك, هي الأخري, كانت ماكرة, لعوبا.. حديثها لين, مراوغ. فوجدتني أتحول إلي ذاك القناص القديم, فألقيت عليها بكل شباكي.. فتوطدت علاقتنا, بدأت أسهر معها, وأتأخر عن مواعيد عودتي إلي البيت, متحججا بكثرة العمل. ولك أن تتوقع ما حدث بيننا بعد أسابيع قليلة. سقطت في الوحل مرة أخري.. ولكن هذه المرة أصابني غم ونكد وندم, دامت أياما, ثم تلاشت كل هذه الأحاسيس بعد أيام.. وفوجئت بأن غطاء الخطيئة انفتح مرة أخري.. فتكررت لقاءاتنا, وبعد فترة مللتها فابتعدت عنها, وإن لم أبتعد عن هذا الطريق.
عدت ـ ياسيدي ـ إلي سيرتي الأولي, كل يوم سهر وخمور ونساء.. وكل يوم, المسافة تبتعد بيني وبين زوجتي التي أنجبت لي طفلة ثانية, فانشغلت بتربية الطفلتين, وإن لم تنشغل عني, بل كانت تعبر عن اندهاشها من تغيري, من انقطاعي عن الصلاة, وسهري للصباح, فكنت أقول لها كلاما غير مقنع عن توتري الشديد بسبب مشكلات في العمل, وأنها فترة قصيرة وسأعود إلي ماكنت عليه. فكانت تقبل كلامي مجبرة, حريصة علي عدم الصدام معي.
ولكن لم يكن هناك مفر من هذا الصدام, عندما بدأت أشرب الخمور في البيت, فاعترضت بعنف, وقالت لي إنها لن تقبل أن تعيش وابنتاها في بيت لا تدخله الملائكة, وهددتني بترك البيت, فوعدتها وإلتزمت بعدم شرب الخمور في البيت, وإن ابتعدت عنها أكثر, وحدث شرخ كبير في علاقتنا, حتي شحبت وأصبحت أشاهدها كثيرا تبكي, ولكني لم أتوقف عن طريقي.
كنت كل ما أخشاه أن تعرف أمي ماصرت إليه, فتغضب مني وتتوقف عن دعائها لي.. فقد كنت أستشعر أن ستر ربي لي وعدم عقابه لي, بسبب دعواتها. كما أني كنت أكثر من فعل الخير, أتصدق علي الفقراء, وأرعي الأيتام, وأتبرع للأعمال الخيرية, مؤمنا بأن الحسنات يذهبن السيئات, مرددا ـ مثل كل العاصين ـ هذه نقرة وتلك نقرة أخري, مكتفيا عقب كل معصية, بترديد التوبة, وكأني أخدع الله سبحانه وتعالي فيما كنت أخدع نفسي, مستسلما لوسواس الشيطان.
أعوام تلحق بأعوام, أحوالي المالية جيدة, علاقتي بأسرتي فاترة, وعلاقتي بالله مخدرة, غارق حتي أذني في الخطيئة, واثقا ـ ولا أدري مصدر هذه الثقة ـ في عفو الله وكرمه ورحمته, بدون أن أفعل ما أستحق عنه كل هذا.
سيدي.. كان يمكن أن تستمر حياتي هكذا, لولا تلك الرسالة القاسية ـ علي المذنبين مثلي ـ التي وصلتني من الله منذ عامين.
كنت في أحد الأماكن مع بعض الأصدقاء, ومن بينهم فتاة شديدة الجاذبية, متحدثة, لبقة, واثقة من نفسها, ويبدو من مظهرها أنها تنتمي إلي أسرة ثرية.. فتألقت نفسي الأمارة بالسوء, وبدأت في إرسال ذبذبات الإعجاب, فتلقفتها, وبادلتني إياها, فالطيور علي أشكالها تقع. تبادلنا أرقام الهواتف والاسطوانات المشروخة, وكلانا يعر ف النهاية مقدما, وإن كانت تلك الفتاة, شديدة الذكاء, عصية, فلم تلن بسهولة, بل أرهقتني أسابيع طويلة حتي تقبل أن تأتي لي في شقتي الخاصة التي استأجرتها في إحدي المدن الجديدة, بعيدا عن العيون, لهذا الهدف الحقير.
حددنا الموعد, وذهبت في هذا اليوم مبكرا إلي الشقة, أعددت كل شيء في انتظار الغنيمة.. كان الوقت يمر بطيئا مملا حتي جاءني تليفونها قبل الموعد بربع ساعة, تخبرني أنها في الطريق, فتهلل وجهي وجلست علي نار مترقبا صوت جرس الباب مرة, وأخري راصدا الطريق من شرفة الشقة. مر الوقت, نصف ساعة, ساعة, لم تأت.. أصابني القلق والتوتر, اتصلت بها فلم ترد.. فاتصلت مرة أخري, ففوجئت بصوت رجل يرد علي, فقلت له يبدو إني أخطأت في الرقم, فاستمهلني الحديث, وسألني هل تعرف السيدة صاحبة هذا التليفون, فأجبته بتردد نعم.. فقال لي: بكل أسف, السيدة أصيبت في حادث إصابات بالغة, ونقلناها أنا وبعض المارة إلي المستشفي.. فأصبت بانهيار, ولم أصدق ما أسمعه, فسألته عن اسم المستشفـي, فأخبرني, وهرولت مرتبكا إلي هناك.
وصلت وكانت الفتاة قد دخلت الي غرفة العمليات, فحاولت الاطمئنان علي حالتها, خاصة اني شاهدت ارتباكا وحركة غير طبيعية وهمهمات بين الأطباء والممرضين, فسألت عن المدير المسئول وذهبت اليه, وفهم اني أحد أقربائها خاصة بعد أن عرضت دفع مبلغ تحت الحساب.. بعد فترة صمت مريبة من الطبيب.. قال لي: قبل ان أشرح لك حالة قريبتك, لابد أن أخبرك بشيء مهم… قريبتك في حالة سيئة, ولديها كسور متعددة, ونزفت كثيرا, لذا فإنها ستحتاج إلي نقل دم, وفي هذه الحالات لابد أن نجري تحليلات لدمها, ليس فقط لأسباب طبية, ولكن للتأكد من أنها ليست مصابة بأي فيروسات معدية, ونتهم بعدها بأنها نقلت لها مع الدم.. والكارثة اننا اكتشفنا انها حاملة لفيروس الإيدز.
إيدز.. ازاي, منين, انت بتهرج, إيدز ايه هكذا كنت أردد وأنا مذهول غير مصدق.. لم أنشغل بإصابتها, ولا بإذا كانت ستعيش أو تموت.. كل ما فكرت فيه اني كنت علي مسافة ربع ساعة فقط من اصابتي بالإيدز.
لا أتذكر ماذا حدث, ولا كيف دفعت أموالا في المستشفي, أو اتصلت بالاصدقاء كي يخبروا أهلها للحضور إلي المستشفي.
كل ما أتذكره, اني خرجت أكلم نفسي وأنا في صورة مفزعة, لم تفارق خيالي لحظة.. عدت إلي نفس الشقة, وكر الشيطان, وكري والشاهد علي خطيئتي ونجاتي.
دقائق فقط فصلتني عن الاصابة بالإيدز لو كان الله نجاها ووصلت إلي الشقة..
من المؤكد انها لا تعرف بأمر اصابتها.. ليس مهما هي, تعرف أو لا تعرف تلك قضيتها.. وقضيتي, هل كنت سأعرف أني سأحمل هذا الفيروس القاتل.. ياربي زوجتي ما ذنبها, كنت سأنقل اليها الإيدز.. نموت معا, بفضيحة.. المسكينة تموت بفضيحة, وأنا, بناتي واخوتي.. سترك يارب, عفوك يارب.
سيدي.. لن أصف لك انهياري, وبكائي, وخجلي من ربي.. ما كل هذا الكرم, عصيتك فسترتني ورزقتني, فلم أبال, تحديت عفوك ورحمتك بمعصيتي.. وها أنا أوشكت علي السقوط في وحل أعمالي بلا خروج, ولكنه برحمته الواسعة, وبلطف قضائه, انتشلني وانقذ أسرتي من الضياع والفضيحة.
سجدت علي الأرض, باكيا, مستغفرا… تطهرت وقضيت يومي مصليا, تائبا, قارئا للقرآن.. لملمت نفسي, وعدت إلي بيتي… أغلقت غرفتي علي وعلي زوجتي, قبلت يديها وقدميها وأنا أبكي, طلبت منها أن تسامحني وتعفو عني, وعدتها بأن أكون كما تحب وكما كنت, فاحتضنتني وهي تبكي وترتجف, بدون أن تسألني عما حدث لي.. كانت رائعة كعادتها دوما, بعدها استدعيت ابنتي, احتضنتهما في صدري, وكأني أبحث عن أمان وطمأنينة لا أعرف الطريق اليهما, فطلبت منهن أن يتوضأن لنصلي جماعة, ثم سارعت بالذهاب الي أمي, جلست تحت قدميها, ورجوتها أن تقرأ علي القرآن, وتدعو لي.. ففعلت وابتسامة الرضا وهالة النور تكسوان وجهها الآمن.
لم أنم في تلك الليلة, عاهدت الله علي ألا أعصيه أبدا, وان استرضي كل من أخطأت في حقه أو هتكت عرضه ما حييت, وبدأت رحلة جديدة في الحياة.
سيدي.. أكتب إليك الآن بعد عامين مما حدث… مددت يدي بالخير لكل من آذيته, طلبت منهم السماح عن أي شيء بدر مني تجاههم, لم أفصح عما ارتكبت فقد سترني الله, فلما أهتك الأستار.. ليس في حياتي الآن, إلا أسرتي وعملي وفعل الخير.. انتهز أي فرصة لمد يد المساعدة لمن يحتاج, لا أترك فرضا من فروضي.. ذهبت العام الماضي الي الحج, ودعوت لله كثيرا أن يغفر لي ويهدي كل العاصين.
ستسألني عن تلك الفتاة, وأقول لك بدون الخوض في التفاصيل اني ذهبت إليها مرة واحدة, بعد خروجها من العناية المركزة, ولم تكن تعلم وقتها بحقيقة مرضها بالإيدز.. ولكني رجوتها ان تسامحني وتتجاوز عن خطئي ودعوت لها بالهداية, وان علمت من الأصدقاء بعد ذلك انها اصيبت بالشلل وانهارت بعد معرفتها بما ألم بها, وقرر أهلها ان تسافر الي الخارج لتعيش في مصحة لتبتعد عن الأجواء القاسية التي تعيش فيها.. هداها الله وشفاها وغفر لها ورفع عنها, اللهم آمين.
سيدي.. لم أكتب اليك لأتطهر من خطاياي, فهذا أمر بيني وبين ربي, ولا أريد أن أسألك عونا خاصا بالرأي أو بالنصيحة, وان كنت لا أستغني عنها, ولكني وجدت اني ملزم من خلال حكايتي, بتحذير كل شاب وفتاة من نهاية طريق المعصية, والتي لا يعرف أحد متي تأتي هذه النهاية المؤلمة وكيف تكون..
رسالتي أمام الله, اني قد أبرأت ذمتي بدرس عمري, لعله ينير الطريق لمن هم غارقون في ملذاتهم وشهواتهم, غافلون عن ان عين الله العادل لاتنام!
------------------