مقال بعنوان: "التحريض الإسرائيلي ضد الرئيس عباس"
نشر في جريدة عُمان الرسمية ، تحت عامود كلمتنا وهو يمثل التوجه الرسمي للحكومة العمانية (25/8)
في الوقت الذي يعلم فيه الجميع، في المنطقة وخارجها، ومنذ فترة غير قصيرة ان إسرائيل بوجه عام، وحكومة نتانياهو بوجه خاص، غير مرتاحة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بل وسبق ان اعتبرته أكثر القيادات الفلسطينية خطرا عليها، فانه من الواضح ان تل ابيب قررت تصعيد الحملة التحريضية ضد الرئيس الفلسطيني، وذلك من اجل خدمة اهداف متعددة، تتصور حكومة نتانياهو انها قد تخدم مصالحها بشكل أو بآخر، وهو امر مشكوك فيه الى حد كبير.
ومع الوضع في الاعتبار ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اوقف المفاوضات مع اسرائيل حتى تستجيب حكومتها لمطلب وقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وهو ما رفضه رئيس الوزراء الاسرائيلي، فان الخارجية الاسرائيلية تتحسب الى حد كبير، وتشعر بالقلق من اصرار الرئيس الفلسطيني على التوجه مرة اخرى الى الامم المتحدة، وعرض القضية الفلسطينية على الجمعية العامة في دورتها القادمة الشهر القادم، ومعاودة المطالبة بقبول فلسطين دولة في الامم المتحدة، لان اسرائيل تعرف جيدا ان هذا المطلب الفلسطيني يحظى بتأييد دولي واسع النطاق في الامم المتحدة، وان ما يعرقله هو الفيتو الامريكي في مجلس الأمن الدولي. وحتى تقطع اسرائيل الطريق على الرئيس محمود عباس، فان وزير خارجيتها طالب، وبشكل يخالف كل الاعراف وقواعد القانون الدولي باستبعاد الرئيس الفلسطيني، برغم انه جاء الى السلطة في انتخابات ايده فيها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وبغض النظر عن مزاعم ليبرمان وزير خارجية اسرائيل بالنسبة للرئيس عباس، فهل تقبل اسرائيل ان يدعو أي طرف الى ازاحة رئيس وزرائها المنتخب بسبب مواقفه من القضية الفلسطينية او غيرها ؟ واذا كان ذلك مرفوضا بالقطع، باعتباره تدخلا في الشؤون الداخلية، فانه ينطبق بالتأكيد كذلك على السلطة الفلسطينية، التى تحظى باعتراف عدد من دول العالم يفوق عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل.
واذا كانت تصريحات ليبرمان وتحريضه ضد الرئيس عباس مرفوضة جملة وتفصيلا، لان الشعب الفلسطيني ذاته هو من يملك حق اختيار قيادته، فان اسرائيل تسعى من خلال هذا التصعيد الى اثارة اللغط والجدل حول الرئيس عباس قبل توجهه الى الامم المتحدة من ناحية، كما انها تريد ان تبعد عن نفسها شبهة عرقلتها لعملية السلام والتفاوض من الفلسطينيين، برغم ان الجميع، وفي المقدمة منهم الولايات المتحدة، يعرفون ان اسرائيل هي التي قتلت عملية السلام وحالت دون تحقيق أي تقدم بالنسبة اليها.
ومما له دلالة في الواقع ان وزير خارجية اسرائيل اشتكى من ان الرئيس الفلسطيني يحارب اسرائيل بالوسائل السلمية والاسلوب القانوني، وذلك برغم ان الرئيس عباس لم يطالب سوى بدولة فلسطينية مستقلة في حدود يونيو 1967 الى جانب اسرائيل، وحل كل قضايا الوضع النهائي بالتفاوض مع اسرائيل، ولكن حكومة نتانياهو، التي تريد خلط الاوراق، تسعى الى خداع العالم وتصوير عباس على انه خطر على اسرائيل عندما يدعو الى تطبيق قرارات الامم المتحدة وما توافق عليه العالم في اطار حل الدولتين. ويبقى جانب الخطر متمثلا في ان تلجأ اسرائيل خلال الفترة القادمة الى تصعيد ضغوطها وتحرشاتها بالرئيس الفلسطيني، فهل سيقبل المجتمع الدولي ذلك؟