فتح :: فهي من بادرت لإطلاق الرصاصة الأولى في الثورة عام 1965 ، وعلى رأسها القائد الفذ ياسر عرفات ، وهي التي حققت النصر في ظلمة المحيط العربي بعد نكسة حزيران عبر النصر في معركة الكرامة عام 1968.
وهي التي أطلقت الانتفاضة عام 1987، وانتفاضة عام 2000 ، هذه الانتفاضة المباركة التي أطلقتها فتح دون سواها ولحقها الآخرون جميعا إثر الصمود والشموخ للإرادة الفتحوية وللرئيس عرفات في كامب ديفد والذي رفض التنازل والاستسلام والحلول الهزيلة، فكانت بمبادراتها العسكرية والسياسة تصنع الحدث وتترك للآخرين التعليق، وتسبق ثم تسحب الآخرين وراءها.
إن فتح تنظيم التجدد عبر الدماء حيث يرث الشهداء عرش البطولة من سابقيهم ، ويتركون الدنيا لزملاء لهم يرفعون مشاعل الحرية والمقاومة مناضلين ومطاردين وأسرى فتح طريق الفقراء، وفتح طريق العظماء، فتح طريق التجدد لأنها لا تخاف النقد بل تسعى إليه، ولا تخشى المخالفين لأنها واحة الحرية، وفتح النقد والنقد الذاتي الذي يصل الى حد الصخب أحيانا تتقدم بثقة وتتحرك بقوة 4- الديمقراطية والتعددية: لا يستطيع إلا أعمى أن ينكر ما لحركة فتح من فضل في الساحة الفلسطينية بل وفي المحيط العربي من تكريس للديمقراطية سواء داخل التنظيم أو خارجه ورغم ما شاب من آلياتها الديمقراطية من ثغرات في التطبيق إلا أن حركة فتح تعتبر مصنع الرجال وحركة الديمقراطية للأطر والمجتمع ، تلك التي احترمت التعددية بل ورعتها ولم تسمح بسيف الجلاد أن يطال أصحاب الرأي الآخر حتى بين المتناحرين من أصحاب التنظيم الواحد ممن هم خارج فتح. فتح حامية المشروع الوطني وحامية التعددية احتضنت الأفكار والتنظيمات ورسمت لها مجال حركة لجميع الفصائل فعدلت من أشكال الاحتجاج السلبي لهذه التنظيمات الى الانخراط في النضال الايجابي والمقاومة للمحتل، فحققت (الوحدة الوطنية) ولم تأخذ بتجارب الحزب الواحد حتى في وقت القدرة على تحقيق ذلك بل رعت الآخر وسهلت له سبل التعبير الحر والانطلاق ليساهم في بناء الوطن، ما عاب الكثيرون فتح على ذلك وما نعتبره نحن نقطة قوة لا ضعف، لأن صاحب الفكر ا لا يخشى الفكر الآخر بل يستمتع برؤيته فحقي أن أفكر وأدافع عنك حتى لو عارضتني. استطاعت حركة فتح أن تغير مفهوم الصراع للقضية الفلسطينية من قضية شعب من المحرومين الذين يحتاجون للإغاثة الى قضية شعب مناضل طرق أسماع العالم ، بعد أن دوت رصاصات الفتح في العام 1965 وبعد انبثاق الكرامة عام 1968 وبعد أن أذن القائد العام ياسر عرفات في الامم المتحدة عام 1974 حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر بيد.كما استطاعت نقل مفهوم الصراع من صراع لا جئين يحتاجون للإغاثة الى ثورة . لما صم العالم أذنيه عن الاستماع للهيب الثورة فجرت الفتح إرادة الثورة ففجرت عاصفة وانتفاضة تلو الأخرى، وشمرت السواعد لبناء المشروع الوطني .
هل نحن منزهون؟ أم نحن بلا أخطاء؟ (فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) و(كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) كما قال سيد البرية المصطفى عليه السلام. نعم نحن أخطأنا ونخطيء ولا نحتاج للآخرين أن يتسلقوا ظهورنا تحت ظلال أخطاء البعض منا، أولئك الذين يحسبون أنفسهم علينا . إن في السلوكيات غير المنضبطة في المؤسسات ، وفي الفساد بأي من أشكاله عند البعض ممن يحسبون أنفسهم على فتح ما نرفضه ونسعى بقوة لإزالته، فالجسد يحتاج دوما للاستحمام للتخلص من الادران، وهكذا فتح التجدد عبر المؤتمرات والحوارات، والتي وإن طالت فإنها تختتم بتنظيف الجسد. هل نقول أن في فتح من يسعون للتخريب أو فوضى السلاح؟ أم ننكر تداخلات الأطر وبعض ثغرات تداخل الصلاحيات؟ من الممكن أن نحتج ومن الممكن أن نصرخ بالقول لا، ولكن الاعتراف بالخطأ خير من التمادي فيه كيف تقاوم فتح الثغرات وتتعامل مع المشاكل؟ سؤال في فتح دائم الحضور، وجوابه في الحركة ليس بالاستبعاد أو الإقصاء بل بالحوار والديمقراطية والنقد الصارخ الذي يجعل من هذا النقد مدخلا للتغيير.