جريدة الرأي : الصداع النصفي(أو داء الشقيقة)، حالة شائعة لدى كثيرين وآلامه تختلف عن أي نوع آخر. لذلك من المهم التحرّك فوراً عند التعرّض لنوبة صداع وعدم الاستسلام للألم.
الصداع النصفي، ألم في الرأس لا يستطيع المريض تحّمله. يداهم فجأةً ويستمر لوقت طويل نسبياً. لذلك من الضروري الحصول على تشخيص دقيق. يُنصَح بالتالي باتّباع نمط عيش صحي لتخفيف حدّة هذه النوبات. مع ذلك، ثمّة تقنيات أخرى فاعلة على حد سواء.
متى تداهم نوبات الصداع النصفي؟ في 90% من الحالات، تحدث بين سن الثلاثين والستين. مع ذلك، قد يقع ضحية هذا المرض أيضاً الأولاد الصغار. يبرز اليوم نوعان من الصداع النصفي. الأول، الأكثر شيوعاً، يُسمّى الصداع النصفيالعادي. غالباً ما يتمركز على جانبي الرأس عند بداية النوبة، ومن ثم يمتد ليطاول الرأس بكامله. ويشعر المريض، في أنحاء جمجمته كافة، بوخزات مؤلمة منتظمة شبيهة بنبضات القلب.
أمّا النوع الثاني فهو ذلك المسبوق بهالة. تسبق عوارض متعددة (اضطرابات في الحالة النفسية، توتر عصبي، ضعف عام، خمول، إحباط أو على العكس إحساس عارم بالفرح) ظهور النوبة بساعات. وما إن يتركّز الصداع حتّى تختفي هذه الهالة.
ثمة مؤشرات أخرى قد تنذر بنوبة صداع وشيكة، كرهاب الضوء، صعوبة في التركيز، شحوب الوجه. وقد تساعد عوامل عدّة في إطلاق نوبة صداع نصفي، كالإجهاد، بعض الأطعمة (الشوكولا والبيض)، التعب… بالإضافة إلى أن الدورة الشهرية وفترة الإباضة تؤديان دوراً في تحفيزالصداع النصفي لدى النساء.
كيف نعالجها؟ بما أن الصداع النصفي يتّصف بنوبات لا يشعر المريض في ما بينها بأية آلام، يشكل علاج النوبة أساس العلاج المضاد للشقيقة. تتوافر في هذا الإطار أربع فئات كبرى من الأدوية التي أثبتت فاعليتها: مسكّنات الألم (أسبيرين، باراسيتامول،…)، مضادات الالتهاب التي لا تحتوي على ستيرويد (نابروكسين، إيبوبروفين،…)، ومشتقات أرغوت الشلم (درديات الإرغوتامين، DHE)، وفئة جديدة هي: التريبتان triptan. الفئتان الأوليان فحسب من هذه الأدوية لهما تأثير على الصداع النصفي بحدّ ذاته، إذ تعملان كمقبضات وعائية.
حتّى لو كنا معتادين عموماً عند الشعور بألم في الرأس بمداواة أنفسنا بأنفسنا، علينا أخذ الحذر عند الإصابة بنوبة.
مقبضات الأوعية التريبتان زولميتريبتان Zolmitriptan يحدّ هذا الدواء من التوسّع المؤلم للشرايين في الدماغ خلال الإصابة بالنوبة.
ناراتريبتان Naratriptan آلية عمله مشابهة لآلية زولميتريبتان، لكنه غير متوافر على شكل حبوب تحت اللسان.
سوماتريبتان Sumatriptan تتوقف 70% إلى 80% من النوبات في أقل من ساعتين بعد تناول هذا الدواء. لكن هذه النتائج الفاعلة تراجعت بسبب تجدّد العوارض في خلال الساعات الأربع والعشرين التالية لدى 20% من المرضى. يُذكر أن استعمال هذا الدواء محدود بسبب ثمنه الباهظ وتكرّر آثاره الجانبية.
نصائح بسيطة وفاعلة البرودة: عامل مفيد لمكافحة داء الشقيقة. يُوصى بوضع مكعّبات من الثلج على الصدغ. تتوافر في الصيدليات أيضاً عُصابات للرأس مُخصّصة لمحاربة الشقيقة تُحفَظ في الثلاجة. يعمل هذا العلاج على تخفيف توسّع الأوعية.
الكافيين: يساعد تناول فنجان قهوة عند بدء النوبة في القضاء عليها أو تخفيف حدّتها. من الممكن أيضاً تناول كوب من المشروبات الغازية نظراً إلى غناها بالكافيين.
الوخز الذاتي بالإبر: يوجد نقطة في جسمنا مضادة للصداع النصفي وللإجهاد ونستطيع تحفيزها ذاتياً. يكفي تدليك هذه النقطة، التي تقع في الجوف بين الإبهام والسبابة عبر التحريك بعكس عقارب الساعة.
تدليك الوريد الصدغي: يساعد تدليك هذا الوريد الذي غالباً ما يتوسّع خلال النوبة، في الحصول على راحة موقّتة.
تناول دواء مضاد للغثيان: هذا الدواء ضروري عند الإصابة بنوبة لأنه يسهّل عمل العلاج.
الطب التجانسي: تتوافر خمسة علاجات في هذه الفئة: الجوز المقيء 7H، الياسمين الأصفر 5H، زهرة السوسن المتعددة الألوان 7H، الإيغناتيا 7H والراسيموزا 7H لعلاج النوبات الهضمية، البصرية والإجهاد والدورات الشهرية.
العلاج بالنبات: استخدام النباتات لعلاج داء الشقيقة قديم العهد. فمنذ زمن طويل، ظهرت منافع حشيشة الهر، زهرة الآلام، الفجل الأسود، الريزوم، والنعناع.
التأمّل: لا سيّما تعلّم الاسترخاء.
العلاجات الأساسيّة الطريقة الوحيدة التي تسمح بالتقدّم في مسار العلاج هي تخصيص دفتر لتدوين طبيعة الصداع ومدّته على قاعدة يومية، فضلاً عن الأدوية المستخدمة، بأكبر دقّة ممكنة ومن دون حذف.
DHE: يُوصَف هذا الدواء بسبب فاعليته وقلّة آثاره الجانبية، لا سيما للأطفال. يجب تناول جرعات كافية منه لفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
بيزوتيفين (Sammigran): يمكن استخدامه من دون دواء آخر. قد يشعر المرء عند تناوله ببعض النعاس لكنه مفيد جداً.
معيقات البيتا: من الأدوية المهمّة في هذه الخانة. لكن يُنصح بعدم استخدامه في حال كان يعاني المرء من الربو.
فضلاً عن البروبرانولول (Avlocardyl)، الميتروبرولول (Seloken، Lopressor)، التيمولول (Timacor)، النادولول (Corgard)، الأتينولول (Tenormine). وثمة أدوية أخرى مفيدة كالإندورامين (Vidora)، الأوكسيتورون (Nocertone).
لا مانع من الدمج بين بعض هذه الأدوية، إذ يُضطر مرضى الصداع النصفي إلى تناول أدوية متعددة في غالبية الأحيان. لكن من الممكن مساعدتهم على الإقلاع عن ذلك عبر علاجهم في المستشفى بمسكّنات خفيفة للألم، وبعض الأميتريبتيلين وإخضاعهم لعلاج نفسي. أفضل مساعد في العلاج ضد الشقيقة، لا سيما للذين يتألمون بشدّة، الأدوية المهدّئة والمسكّنة.
كثير من الذين يعانون آلاماً متواصلة تبدو عليهم عوارض القلق والإحباط بشكل متفاوت. ما من شك في أن الطبيب العام هو خير خبير في هذا المجال، لذا لا يجب التردد في استشارته. يحصل المريض على العلاج الأساسي عبر الجلسات التي يصغي خلالها الطبيب إلى المريض ويبني علاقة ثقة معه. على الطبيب أن يكون مقتنعاً بحقيقة المرض لتكوين فكرة عنه واقتراح العلاج المناسب له. في النهاية، يمكن استشارة اختصاصي في حال عدم التأكّد من التشخيص أو إيجاد صعوبة في العلاج.
كمبردج (ولاية ماساتشوستس الأميركية): «الشرق الأوسط»*
لا يزال سبب الإصابة بالصداع النصفي غير مفهوم بشكل تام.. فالألياف العصبية التي لها نهايات في الأوعية الدموية بالمخ تصبح أكثر حساسية للألم.. وتسبب كل دقة قلب ضغطا زائدا على جدران الأوعية الدموية وعندها تحول النهايات العصبية مفرطة الحساسية هذا الضغط إلى صداع شديد.
إن كنت تعاني من صداع نصفي، فإنك من دون شك تبحث عن أي علاج لمنع تكرار حالات هذا الصداع النصفي المؤلمة. ويصيب الصداع النصفي نحو 15 في المائة من البالغين، غير أن نسبة ضئيلة نسبيا من هؤلاء هي التي تستفيد من أنواع العلاج الوقائي.
إرشادات وقائية
* صدرت إرشادات الوقاية من الصداع النصفي في وقت مبكر من هذا العام من قبل الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب. وتشير «الجمعية الأميركية للصداع» إلى أن قرابة 38 في المائة ممن يعانون من الصداع النصفي يمكنهم الاستفادة من أنماط العلاج الوقائي، لكن أقل من ثلثهم استفادوا فعليا من هذه الأنواع من العلاج. ويشير الدكتور لي شوام، نائب رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى ماساتشوستس العام، إلى أن أحد التفسيرات ربما يتمثل في أنه يجب أخذ تلك العقاقير يوميا لتحقق الفاعلية المطلوبة، رغم أن الصداع النصفي ربما يكون مجرد «مشكلة متقطعة».
ويقول الدكتور شوام: «تشير الأدلة إلى أنه كلما تكرر تناولك أحد الأدوية، قل احتمال أن تواظب على تناولها». ويستكمل قائلا: «إذا لم تصب بأية أعراض مباشرة بعد إغفالك جرعة من الدواء، فسيزداد احتمال إغفالك الجرعات التالية». ويضيف أن تكلفة بعض الأقراص الطبية ربما تؤدي إلى عدم استخدامها بكثرة.
لغز الصداع النصفي
* هناك ثلاث نظريات في الوقت الحالي عن سبب الإصابة بألم الصداع النصفي.
ما سبب الإصابة بالصداع النصفي؟ لا يزال سبب الإصابة بالصداع النصفي غير مفهوم بشكل تام، فالألياف العصبية التي لها نهايات في الأوعية الدموية بالمخ تصبح أكثر حساسية للألم. وتسبب كل دقة قلب ضغطا زائدا على جدران الأوعية الدموية، وعندها تحول النهايات العصبية مفرطة الحساسية، هذا الضغط إلى صداع شديد. ولا يعرف سبب حساسية النهايات العصبية.
يتأثر الصداع النصفي جزئيا بالجينات. ويمكن أن يلعب كل من النظام الغذائي والتمارين الرياضية والنوم.. وغير ذلك من الأمراض أو أنواع العلاج الأخرى دورا في تحديد توقيت وكيفية حدوث الصداع.
علاجات وقائية
* تشمل العقاقير المدرجة في الإرشادات الجديدة العقاقير المضادة للتشنجات «ديفالبرويكس» (divalproex) و«ديباكوت» (Depakote)، و«فالبروايت» (valproate)، و«ديباكون» (Depacon) و«توبيراميت» (topiramate)، و«توباماكس» (Topamax)، إلى جانب أدوية حاصرات بيتا: «ميتوبرولول (metoprolol)، و«بروبرانولول» (propranolol)، و«تيمولول» (timolol)، إضافة إلى ذلك، فقد كان العلاج العشبي مدرجا أيضا على أنه خيار وقائي فعال في علاج حالات بعض المصابين بالصداع النصفي.
ويشير الدكتور شوام إلى أن كل هذه الأنواع من العلاج لها آثار جانبية، وربما تلعب دورا أيضا في تقليل استخدامها. يقول شوام: «بسبب أن لعقار (توبيراميت) أثرا جانبيا ممثلا في نقص الوزن، يبدو بعض المرضى مرحبين بتناول هذا العقار أكثر من غيره».
وقد تقلل العلاجات المضادة للتشنجات المذكورة آنفا المستخدمة في منع الإصابة بالصداع النصفي، التركيز، وربما تسبب نوعا من النعاس أو الخمول. يمكن أن تبطئ مثبطات بيتا معدل ضربات القلب وتؤدي لانخفاض ضغط الدم، وفي بعض الحالات، قد تسبب الاكتئاب أو اختلال الوظيفة الجنسية. ارجع إلى طبيبك للتعرف على الآثار الجانبية.
يقول الدكتور شوام: «هذه العقاقير يمكن أن تقلل من معدل تكرار نوبات الصداع النصفي وربما تتطلب جرعات مختلفة بمرور الوقت لتحقيق هذه المزايا». ويضيف: «يجب أن تؤخذ هذه العقاقير يوميا. فهي مختلفة عن أدوية تخفيف الألم - العقاقير التي توقف نوبة الصداع النصفي بمجرد حدوثها».
تكون أدوية تخفيف الألم المستخدمة في الأغلب أدوية متاحة تصرف من دون وصفات طبية مثل «الأسبرين» أو الأدوية المضادة للالتهاب غير الاستيرويدية، إلى جانب الأدوية التي يصفها الطبيب مثل «فيورينال» و«فيوريست»، أو فئة من الأدوية تعرف باسم أدوية «التريبتان».
وهذه الأدوية قد تكون فعالة في القضاء على نوبة الصداع النصفي، لكنها لا تساعد في منع تكرارها، حسب شوام.
وقاية شخصية
* على الرغم من ذلك، فإن الوقاية من الصداع النصفي أحيانا لا تتطلب أدوية. يقول الدكتور شوام: «النوم الجيد واتباع النظام الغذائي المناسب وممارسة التمارين الرياضية وتقليل الضغط أو التوتر.. جميعها أساليب فعالة جدا، لكنها لا تكون كافية دائما لمنع حدوث النوبات الشديدة».
قد تساعدك معرفتك بمحفزات الصداع النصفي لديك في تقليل معدل تكرار النوبات. تعتبر الشوكولاته والكافيين والكحوليات محفزات معروفة بالنسبة للبعض. وتختلف أسباب الإصابة بالصداع النصفي من شخص لآخر.
إذا كان يساورك شك في أن الشوكولاته على سبيل المثال تعتبر محفزا بالنسبة لك، يقترح عليك الدكتور شوام التجربة لمعرفة ما إذا كان ذلك الشك صحيحا أم لا وما إذا كان يمكنك تناول قطعة صغيرة من الشوكولاته بأمان من عدمه. ينصح شوام قائلا: «جرب تناول قطعة صغيرة من الشوكولاته وحاول معرفة ما إذا كان يعقبها حدوث صداع نصفي بشكل يمكن توقعه أم لا». ويستكمل قائلا: «قم بزيادة الجرعة يوميا إلى أن تكتشف ما إذا كان ينتج عن ذلك تكرار نوبات الصداع النصفي لديك أم إن بإمكانك تناول الشوكولاته وقتما شئت. أعد هذه العملية مع أطعمة محفزة محتملة أخرى».
يرتبط الكافيين أيضا بالإصابة بالصداع النصفي. يتسبب التوقف المفاجئ عن تناول الكافيين في إصابة كثيرين بصداع نصفي، مثلما يحدث عند التوقف المفاجئ عن تناول أدوية لتخفيف الألم المتاحة من دون وصفات طبية مثل مضادات الالتهاب غير الاستيرويدية أو أدوية توصف من قبل الطبيب مثل «فيورينال» و«فيوريست»، التي تحتوي على كافيين.
إضافة إلى ذلك، يقول شوام إنه من المفيد جدا تسجيل وقت حدوث نوبات الصداع النصفي والعوامل المحيطة في ذلك اليوم. قم بتضمين تفاصيل مثل النشاط الذي كنت تمارسه وقت أن حدثت لك نوبة الصداع النصفي وكيف كان يومك (حافل بالضغوط، كنت كثير الجلوس فيه، مليء بالأنشطة.. إلخ). إذا كنت تشعر بالجوع، فاذكر آخر وقت أكلت فيه.. اذكر ما إذا كنت تعاني من حمى أو أي عرض مرضي آخر. وبالنسبة للنساء، عليهن تحديد في أي وقت من الدورة الشهرية يصبن بالصداع. وينصح أيضا بتصنيف الأعراض من حيث أنها خفيفة أم معتدلة أم حادة، وملاحظة فترة استمرار نوبة الصداع النصفي.
* «رسالة هارفارد الصحية»، خدمات «تريبيون ميديا»