الزلزال القادم
للكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني اشرف عبد الرحمن - ابو سامر
أن تطلب القيادة السياسية في مصر من قادة الفصائل الفلسطينية القدوم الى القاهرة للبحث في إحياء أو تمديد التهدئة وتطمينهم بأن الوضع تحت السيطرة، وأن تهدّد ليفني من على المنبر المصري والى جانبها أبو الغيط وقبل يوم واحد من بدء العدوان بعزم "إسرائيل" على تغيير الوضع القائم في غزة وإنهاء حكم حماس وتغيير قواعد اللعبة فيه. ويسبق ذلك سيل من التصريحات من رموز السلطة الفلسطينية بإتهام حركة حماس وتحميلها مسؤولية إنهيار "إتفاق التهدئة" وعبثية الصواريخ وسفن التضامن السخيفة مع قطاع غزة لرفع الحصار عنه، والتغاضي عن الخروقات الصهيونية المتواصلة في مضاعفة الاستيطان في الضفة الغربية، وتهويد القدس، واستمرار الاعتقالات والاغتيالات، والقتل والتدمير، وتوالي الدعم الدولي السياسي والمالي لسلطة عباس وأجهزته الامنية، والتسهيلات الصهيونية الميدانية في التناوب على ملاحقة وإعتقال المناضلين والمجاهدين، والوعود العربية والدولية بتمديد ولاية عباس التي تنتهي في 9 كانون الثاني 2009، وقرار المجلس المركزي الفلسطيني بتعيينه رئيساً "لدولة فلسطين" بحجة الخشية من حصول فراغ رئاسي في ظل إنقسام فلسطيني مقلق..... كل ذلك شكل غطاءاً سياسياً إستفاد منه قادة الكيان الصهيوني في شن العدوان على الشعب الفلسطيني؛ هذا العدوان الذي اتخذ قراراً بشأنه منذ عدة شهور وحتى قبل إتفاق التهدئة الذي أرادوه جزءاً من المخطط المرسوم.
أمام الوحشية اللامتناهية للعدوان الصهيوني على قطاع غزة يمكن الاستنتاج بأن العدو الصهيوني قد إستغلّ بخبث منقطع النظير - الأجواء والمناخات التي وفرتها إتفاقات أوسلو وملحقاتها، وخارطة الطريق، ومؤتمرات أنابوليس، وحوار الاديان، والمفاوضات غير المباشرة مع سوريا، والتنسيق الأمني لتظهير الموقف الصهيوني بالمعتدل الذي يبحث عن الهدوء والاستقرار والسلام والأمن .... تلك كانت العناصر المكوّنة للخدعة التكتيكية والتضليل التكتيكي الذي مارسته القيادة الصهيونية في تخدير الرأي العام وعلى كافة المستويات والصعد. والذي جرى ويجري الآن ما هو سوى حلقات تمهيدية في مسلسل يستهدف في محصّلته النهائية تصفية القضية الفلسطينية بإعتبارها جوهر الصراع العربي الصهيوني ... لكننا نستطيع القول بثقة عالية أن الآلة العسكرية الصهيونية التي إستنفذت كامل طاقتها التدميرية في البشر والحجر والشجر، لم تستطع طيلة الأيام الماضية أن تفعل فعلها في كسر إرادة الصمود والمقاومة لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، أو أن تجعل الشعب الفلسطيني يرفع الراية البيضاء. وها هي صواريخ العز والكرامة تنطلق من تحت الركام والأنقاض تدك المستعمرات والبلدات الصهيونية، وتعطّل مظاهر الحياة فيها، وتجبر المغتصبين على قضاء ما تبقّى من حياتهم في الملاجىء يتملّكهم الخوف والرعب ويستوطن في قلوبهم القلق على المصير والمستقبل... وهذا يعتبر فشلاً حقيقياً لقادة العدو في تحقيق أي من أهدافهم، تكتيكية كانت أم إستراتيجية.
وها هي حركة الجماهير والشعوب في العالمين العربي والاسلامي والأوروبي والغربي تتفجّر إعتصاماً وإحتجاجاً وتظاهراً وإقتحاماً لبعض السفارات والقنصليات، مما يشكّل الارهاصات الأولى لبداية تغيير جدّي حقيقي في المنطقة تسقط معه عروش وأنظمة أدمنت الذل والهوان والمهانة ....
بعدها لن نأسف إن سقطت الهياكل على رؤوس الطغاة المتواطئين المشاركين في العدوان على القضية الفلسطينية. والثمن الأول سيكون أنظمة المعاهدات مع "إسرائيل"...
إن المقاومة في فلسطين منتصرة حتماً ... ولحظة التغيير بدأت ... وثورة الجماهير العربية قادمة لا محالة. وويل لمن يتأخّر عن الانضمام إلى حركة التاريخ...
الكاتب الفلسطيني
أشرف عبد الرحمن" أبو سامر"
29 / 12 / 2008