شعب فلسطين قال بالدم كلمته
بدأت لعبة الشروط والشروط المضادَة فالجانب الفلسطيني بعد استيعاب الضربة الأولى وتوجيه نيرانه الملتهبة في كل بقعة من أرض فلسطين المحتلة طرح شروطاً خمسة للإستجابة لمبادرات التهدئة : أولها وقف العدوان الصهيني فوراً ، وثانيها : الحصول على ضمانات دولية أكيدة وثابتة بعدم تكرار العدوان على غزة وعدم ملاحقة المجاهدين واغتيالهم ، وثالثها : فك الحصار بالكامل عن قطاع غزة وفتح جميع المعابر الأخرى
مع الضفة الغربية ومناطق ال 48 ، ورابعها : الإفراج عن كافة المعتقلين والأسرى في المعتقلات والسجون الصهيونية ، وخامسها : وقف بناء المستوطنات في مناطق " الدولة الفلسطينية " المسخ . بالمقابل طلب الجانب الصهيوني من الوسيط المصري القطري التركي إبلاغ الفصائل الفلسطينية بضرورة تسليم السلاح خلال 72 ساعة وإلاً فتوسيع العملية العسكرية والهجوم البري وربما إعادة إحتلال القطاع مجدداً . إنها الحرب النفسية وسياسة التهويل والتخويف للتغطية على فشلهم الواضح في تدمير القوة الصاروخية الفلسطينية ، وأبتزاز الوسيط العربي للضغط وإجبار الفصائل علىالقبول بتهدئة كيفما كانت حتى لا يواجه الفلسطينيين ما هو أسوأ في قادم الأيام . وكي يقول الوسطاء فيما لو تم اجتياح القطاع : نصحناكم ولم تقبلوا النصيحة وها أنتم تدفعون ثمن عنادكم ومغامراتكم . منطق الذل والهوان والإستحذاء ( لعق الأحذية ) ليس جديداً عمن باعوا شرف الأمة وكرامتها ، وشعب فلسطين الأبي المرابط ما خفض الجناح يوماً ولن يخفضه هذه الأيام ولن يطلب منهم التوسط لتخفيف آلامه وأوجاعه، ومراهنته - بعد التوكل على الله – تكون على شعوب المنطقة وقواها الحية المقاومة فهي التي ستفرض على حكامها إلغاء إتفاقيات كمب ديفيد ووادي عربة وأوسلو وكافة العلاقات الإقتصادية والسياسية والديبلوماسية. وبعد ألم يدرك المتفاوضون أن رجال المقاومة الفلسطينية ينتظرون بفارغ الصبر شذاذ الآفاق على ثغور غزة هناك حيث تكون مقبرتهم الجماعية وبداية نهاية كيانهم الدخيل ؟
الشيخ حمد بن جاسم وزير خارجية قطر صرح بأن العدوان يفترض أن لا يمر بدون عقاب ،كلام جميل ورائع لكن لم يقل لنا الشيخ المحترم من يقصد بالعقاب ؟ الصهاينة أم شعب فلسطين ؟ فما تجرعناه من مرارة التجربة مع الملوك والحكام والرؤساء و المسؤولينالعرب
يدفعنا إلى تقيوء تصريحاته العنترية ورشواتهم المالية .
والرئيس المصري المنتخب شعبياً الدكتور محمد مرسي الذي طرد السفير الصهيوني من مصر ولاقى ترحيبا شعبياً بهذه الخطوة قد يواجه بنفس الحماسة بتشكيك وريبة واعتبار موقفه مناورة سياسية أملتها حراجة اللحظة السياسية إن لم يبادر بقطع العلاقات الديبلوماسية بالكامل مع الكيان الصهيوني . وإرسال الجيش المصري الى سيناء لاستعادة السيادة المصرية ودعم الشعب الفلسطيني في المواجهة التاريخية مع الإحتلال . والفرصة الآن مؤاتية تماماً ، فكنزهم الإستراتيجي يقبع في السجن ، والقوات الأمريكية هربت من العراق وقريباً من أفغانستان ، والعالم الأمريكي الغربي يعيش أزمة إقتصادية قد تحرم العدو من التمويل والدعم اللازمين ، والشعب العربي والإسلامي وشرفاء العالم يتظاهرون نصرة للشعب الفلسطيني ومقاومته ، فهل تبادر مصر الثورة إلى اتخاذ القرارات التاريخية لقيادة الأمة في حال تصعيد العدوان ؟ علماً أن الظروف قد تغيرت كثيراً منذ " الربيع العربي " بشكل يساعدهاً على الإقدام وعدم التردد .أما العدو الصهيوني الذي أخذته المفاجأة والصدمة والإرباك من حجم الرد الفلسطيني وفاعليته ، فقد اختار مكرهاً سياسة التهويل والترهيب والتهويش بدل توسيع العملية العسكرية مؤقتاً ضد القطاع وهو الذي إستنفذ ضرب كافة أهدافه ولم يبقى أمامه سوى إعادة تدمير ما هو مدمًر،وتقطيع الوقت بقصف الأنقاض والردم بانتظار توفر الظرف الموضوعي الملائم ولن يتوفر، وإلاً ما الذي يمنعه من التصعيد ؟ أليس الخوف من شعب قال بالدم كلمته ؟ إنها الحقيقة ولا شيء غير ذلك.....
علي حمادة
19/11/2012