كل الوطن، أسامة الفيصل، بيروت: فجأة، صدر قرار من الرئيس الفلسطيني بفصل القيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" العميد عبد الحميد عيسى الملقب بـ "اللينو"، وتجريده من كافة رتبه العسكرية.. وكانت (كل الوطن) قد أشارت إلى اشتعال حرب بيانات داخل أجنحة متصارعة في حركة "فتح" في لبنان، بيان صادر عن حركة إصلاحية لضباط داخل "فتح"، وآخر يرد من داخل الحركة.. ماذا يحصل ولماذا تبنى "اللينو" البيان الأول ومن ثم نفى ذلك.. ما الذي يحصل؟! وإلى أين تتجه الأمور؟!!
اتخذت اللجنة المركزية لحركة «فتح» في الاجتماع الأخير الذي عقدته برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، قراراً بفصل القائد السابق لـ «الكفاح المسلح الفلسطيني» في لبنان العميد محمود عبد الحميد عيسى «اللينو» من حركة «فتح». وأكدت مصادر فلسطينية أن الرئيس «أبو مازن» استعرض خلال الاجتماع التطورات المتعلقة بالمفاوضات وما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
واتخذت اللجنة المركزية قرارات على المستوى الداخلي، وبينها قراراً يتعلق بـ «تجريد «اللينو» من كافة رتبه العسكرية وفصله من حركة «فتح» نهائياً، وذلك بعد القرار التي اتخذه المشرف العام على الساحة الفلسطينية في لبنان عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد بتعليق عضوية «اللينو» في الهيئة العسكرية لـ «قوات الأمن الوطني» وتجميد عضويته في حركة «فتح»، وعدم تكليفه بأي عمل حتى إشعار آخر، إلى حين وصول قرارات أخرى من القائد الأعلى للثورة الفلسطينية الرئيس محمود عباس.
وأوضحت مصادر فلسطينية أن قرار فصل «اللينو» جاء على خلفية علاقته مع محمد دحلان المفصول من اللجنة المركزية لحركة «فتح». ومساء أمس زارت منزل العميد «اللينو» في مخيم عين الحلوة وفود مؤيدة له ومطالبة بإلغاء أي قرار يتعلق بتجميده أو فصله من حركة «فتح»، بحسب ما ذكرت صحيفة اللواء.
وذكرت صحيفة الأخبار أن الفصل المبرم كان لا يزال تلويحاً بالتجميد منذ مطلع العام الجاري، بسبب استقبال «اللينو» جليلة دحلان، زوجة القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، وتنظيمه جولة ميدانية لها في المخيمات والتعاون معها في تنفيذ مشاريع وتقديم مساعدات بملايين الدولارات للنازحين الفلسطينيين من سوريا خلال شهر رمضان الفائت بتمويل من دولة الإمارات. وفي كل زيارات دحلان للبنان، كان الضابط الفتحاوي يشكل محطة ثابتة لها، رغم قرار قيادته والسفارة الفلسطينية بمقاطعتها ومنع التعاون معها. لكن التجميد الذي لوّح به الأحمد طوال الأشهر الماضية بسبب مخالفة «اللينو» لقرارات فتح، عطلته المراجع والأجهزة الأمنية اللبنانية المعنية بالملف الفلسطيني التي كانت تتوسط له لدى الأحمد إلى درجة إجرائها مصالحة بينهما في السفارة. لكن ذنب جليلة مغفور بالمقارنة مع بيان التمرد الذي أصدره «اللينو» الشهر الماضي تحت اسم «مجموعة من ضباط وكوادر فتح»، وهاجم فيه بشراسة الأحمد وقيادة فتح في لبنان والسفير أشرف دبور واتهمهم بالفساد وإهمال حاجات المخيمات وطالب بإقصائهم. الطيف الدحلاني بان مجدداً. فقد كانت شرارة التمرد، قرار القيادة بفصل مسؤول اللجان الشعبية أبو إياد شعلان بسبب مشاركته في توزيع مساعدات جليلة دحلان. البيان استدعى زيارة عاجلة من الأحمد للبنان حيث التقى بالمراجع اللبنانيين وتوافق معهم على انتقاد خطوة «اللينو» التي لم تكن في مكانها وزمانها المناسبين وتستجلب خطراً إضافياً على الحركة والمخيمات. فهل أعطى الجانب اللبناني الضوء الأخضر لإنهاء دور الرجل المتعاون مع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية في المخيمات، لا سيما عين الحلوة؟، تتساءل الصحيفة.
خيبة «اللينو» لبنانية أكثر منها فلسطينية. تحدث عن إخلال الجانب اللبناني بالاتفاق الذي أبرم أخيراً وقضى بإصداره بياناً، كرمى لمراجع لبنانية، تراجع فيه عن بيان التمرد وأعلن التزامه بالأطر التنظيمية وقرارات الأحمد وشرعية أبو مازن والسلطة والسفارة، فيما وعد بإجراء إصلاحات داخلية وتشكيل لجان تحقيق في قضايا فساد. ويرى أنه تعرض لفخ غير مضمون النتائج. في المقابل، تؤكد مصادر السفارة الفلسطينية أن لا خوف من ردّ فعل «اللينو» على أمن مخيم عين الحلوة، لأن «الرجل كان يحظى بغطاء فتحاوي، والآن نزع عنه».
وتتوقع مصادر لبنانية ان تكون للقرار «انعكاسات امنية وترددات في الساحة «الفتحاوية» في مخيم عين الحلوة وعدد من المخيمات الفلسطينية في لبنان». وتشير الى «ان القرار كان مفاجئا للسلطة السياسية والامنية اللبنانية، وكذلك الامر بالنسبة لقيادة فتح في لبنان وللقوى والفصائل الفلسطينية».
وتلفت المصادر إلى ان «الأجهزة الامنية اللبنانية لم تكن ترغب بوضع مخيم عين الحلوة تحت المجهر الامني والتوترات الجانبية في هذه الطروف. وان مراجع سياسية وامنية لبنانية كانت قد ابلغت موقفها هذا الى المشرف على ساحة فتح في لبنان عزام الاحمد الذي أوفده الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وان إبقاء الوضع على ما هو عليه افضل من اي قرار آخر، كالفصل مثلا، وذلك حرصا على فتح وديموتها كحاضنة للثورة الفلسطينية وعدم تعرضها لاهتزازات وخضات سياسية وامنية في لبنان».
وتشير المصادر الى «ان موقف السلطة اللبنانية ينطلق من ثابتة تقول ان العبث بآمن المخيمات، خاصة عين الحلوة، خط احمر ممنوع تجاوزه» وذلك «نظرا لتداعيات اي خرق امني في عين الحلوة على الوضع في صيدا وعلى الجنوب بشكل عام، وعلى وضعية قوات الطوارئ الدولية وخط عبور قوافلها الساحلي بين الجنوب وبيروت عبر صيدا، اضافة الى الخشية الدائمة لدى المراجع الامنية اللبنانية من دخول العامل الاسلامي المتشدد، والذي يتخذ من محلة تعمير عين الحلوة وبعض انحاء المخيم مراكز لتجمعاته، طرفا ثالثا في اية معادلة امنية» .
«اللينو»: لم أتبلغ رسمياً
من جهته، اكد «اللينو» لـ«السفير» انه لم يتبلّغ القرار رسميا وقال «لم يصلني اي شيء رسمي من رام الله وعندما اتبلغ رسميا ا لكل حادث حديث، وسنتصرف على الارض ونرى من له تمثيل ومن لا يمثل». ووضع «اللينو» الامر لتاريخه في اطار الدعايات، مضيفاً: «خلال اتصالاتى التي اجريتها مع رام الله ابلغت بان القرار لم يصدر بعد». وتابع: «لكن في حال صدر قرار من هذا النوع فلنا علاقات وارتباطات كبيرة وكثيرة ومتنوعة وسوف ننفض الغبار، لكن حتى الآن لا شيء نهائيا». وخلص الى القول «عندما اتبلغ القرار، في حال صدوره، سأعلنه ولن اخفي شيئا وسأتصرف».
مظاهرة تأييد
وخرج في مخيم عين الحلوة عشرات المسلحين والأهالي من مناصري «اللينو»، مرددين هتافات مطالبة بعودته. وتخوفت مصادر امنية لبنانية من انعكاس الوضع أمنياً داخل المخيم خصوصا أنّ «اللينو» يشكل حالة تشمل امتداداتها العسكرية بقية المخيمات وخصوصا نهر البارد»، مشيرة إلى أنّ الفصائل الفلسطيينة تعمل على تطويق التداعيات.
في المقابل، تخوّفت مصادر فلسطينية من أن "يترك فصل اللينو ترددات في مخيم عين الحلوة، خصوصاً أنه قائد "قوات القسطل" في "فتح" والقائد السابق للكفاح المسلح الفلسطيني، في وقت يقع المخيم في دائرة الضوء، خصوصاً بعد التوتر ليل أمس الأول إثر مقتل ابراهيم الصالح بطعنة سكين من قريبه الذي سلّم نفسه الى القوى الامنية اللبنانية لاحقاً، وانفجار عبوّة ناسفة على مدخل المخيم ليل الجمعة - السبت أدت الى جرح رامي الدوخي".
بيانات مختلفة
وكان وُزع عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية بيانا حمل توقيع "مجموعة ضباط حركة فتح في لبنان" يعلنون فيه عن قيامهم بحركة إصلاحية بقيادة العميد "اللينو"، ويتحدثون عن ان "هناك زمرة من الفاسدين والمفسدين في الحركة، صادروا الشرعية وتمسكوا بها، وتخلوا عن المشروعية، وتآمروا على فتح، وحولوها من حركة تحرر وطني إلى مجموعات من المرتزقة، متناحرة على كل شيء ما عدا خدمة شعبنا الفلسطيني في المخيمات".
وحدد البيان مطالب ما أسماها الحركة الإصلاحية في فتح بـ"إلغاء كافة القرارات التنظيمية والإدارية والمالية التي صدرت في عهد السفير أشرف دبور وقيادة الساحة، وسحب السفير دبور من لبنان، وفصل السفارة عن حركة فتح وعن منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل لجنة تحقيق مالي وتحويل المرتكبين إلى هيئة مكافحة الفساد وتطبيق قانون من أين لك هذا، وتشكيل لجنة تحقيق حركية تنظر في كل المخالفات التنظيمية والإدارية، وإلغاء تفويض عضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد كمفوض عام للساحة اللبنانية، وتشكيل لجنة تعيد الحقوق لأصحابها من المناضلين وتعمل على تطبيق العدالة، بحسب ما جاء في البيان.
اللينو والبيانات!
وأوضح قائد الكفاح المسلح الفلسطيني السابق محمود عيسى (اللينو) في تصريح نشره موقع النشرة، أن "سبب الانتفاضة على السفارة الفلسطينية والقيادة الحالية يعود إلى تخلي المعنيين فيها عن معاناة الأهالي في المخيمات، وتنصيب أنفسهم مرجعاً لتصنيف الفتحاويين بين شريف وفاسد، وبين فلسطيني وإسرائيلي، أو أميركي أو بريطاني". ونفى اللينو شبهة "تلقي مسؤول اللجان الشعبية وعضو قيادة فتح في لبنان أبو إياد شعلان من دون علم قيادته، حصصاً تموينية من برنامج دعم النازحين من سوريا الذي أطلقته جليلة، زوجة القيادي المطرود من الحركة محمد دحلان بتمويل إماراتي، وتوزيعها على النازحين، مانعاً عن خطوة الضباط نظرية المؤامرة". وأكد أنها "محاولة لاستعادة فتح الحقيقية". واستبق اللينو كل محاولات المصالحة، مؤكداً لـ"الأخبار" أنه لن يحضر أي اجتماع مع الفريق الآخر، ولن يصدق وعود السفارة والقيادة بإجراء إصلاحات كما حصل خلال عقد المصالحة الداخلية في السفارة قبل أشهر. ولمح إلى قدرته على منعهم من دخول المخيمات، إذا لم ينفذوا المطالب الواردة في البيان. وكشف عن لقاءات تشاورية عديدة سيعقدها موقعو البيان، وكل من يؤيد ما جاء فيه، بدءاً من ليل أمس، حتى تنظيم مؤتمر عام يناقش الخطط الإصلاحية.
وبعدها خرج بيان ثان مذيل باسم قيادة حركة فتح التنظيمية والعسكرية في منطقة صور، حيث تهجم على بيان ضباط وكوادر فتح متهماً من يقفون خلفه دون التسمية بالانقلابيين وقد كان رقيقاً ضعيفاً نعتبره بمكانة ردة الفعل ـ بحسب ما ورد في ”شبكة الأخبار الفلسطينية”، لكن المفاجأة كانت ببيان ثالث موقع ومختوم بشكل رسمي باسم قيادة حركة فتح التنظيمية والعسكرية في منطقة صور يهاجم البيان الثاني ويتبنى مطالب بيان ضباط وكوادر حركة فتح بل يزيد عليه بأن من يقف خلف البيان الثاني هو رفعت شناعة أمين سر تنظيم حركة فتح في لبنان، وهدد البيان الفتحاوي الثالث برد عنيف على كل من يتحدث باسمهم..
السفير والخشية اللبنانية من التداعيات
أوساط السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وجدت في الخطوة مؤامرة انقلابية مدفوعة من الدحلان. وأكدت أنها أيضاً لن تستجب هذه المرة للتمنيات اللبنانية بالصفح عن المتمردين على قرار القيادة، مشيرة إلى اتخاذ تدابير صارمة بحق كل من يتطاول على فتح من الآن فصاعداً. دبور رفع تقريراً إلى الرئيس محمود عباس وضعه فيه بأجواء البيان. وعلمت “الأخبار” أن الأحمد سيزور لبنان في غضون أسبوع من الآن للقاء الكوادر الفتحاوية والمراجع اللبنانية لبحث الأمر.
مصادر لبنانية مواكبة عبرت في حديث لصحيفة “الأخبار” عن خشيتها من توقيت إعلان البيان بعد أيام من انتشار القوة الأمنية المشتركة في مخيم عين الحلوة. وخشيت من إضعاف فتح لمصلحة الجماعات الإسلامية والأصولية في عين الحلوة. وتوقفت المصادر عند انعكاس خلافات فتح على تعاطي الدولة اللبنانية مع الملف الفلسطيني، الذي تمثل فتح عموده الفقري، وتتولى التفاوض مع المراجع الرسمية باسم الفلسطينيين في أي قضية