د. مصطفى يوسف اللداوي
قدرة الإنسان على الإفتراء عجيبة وغريبة،
يختلق الحقائق، ويلصق الاتهامات، ويوزع الشبهات،
يظلم ويتهم ويشوه، ويزور ويكذب ويدلس،
يصور له خياله، أو يصور لخياله ما يريد،
يعينه الشيطانُ على كذبه، أو يعين الشيطانَ على خياله،
يستهويه المرض، ويعجبه الفساد، ويغريه الشذوذ،
يحب أن تشيع الفاحشة، وتسود الرذيلة،
يحب الظلم ويسعى له، ويخشى الحق ويهرب منه،
يعشق الشر ويخطط له، ويكره الخير ويبتعد عنه،
يبحث عما يدين ويشوه، ويستبعد كل ما يبرئُ ويطهر،
يستقوى بأمثاله الكاذبين، ويبحث عمن يعزز افتراءاته من الضالين المضلين،
عجيبٌ أمرُ هذا الإنسان كيف ينسج له خياله الأكاذيب،
وكيف يبيح له ضميره الكذب والدجل، ويرضى لنفسه أن تكون أمارةً بالسوء، مريضةً بالفحش،
كيف تطيب له الحياة وقد حرم صاحب حقٍ من حقه، وسرق من مستحقٍ ما له،
وكيف يرتاح ضميره وهو يعلم أنه كاذبٌ مفتري، وأنه شهد بالباطل وأقسم بالله كذباً،
هل تطيب له لقمة العيش وهو يعلم أنها ممزوجة بدماء من ظلمهم، ولعنة من حرمهم،
كيف تسول له نفسه أن يفتري على الناس، ويكذب عليهم أو على ألسنتهم،
افتراءات الإنسان على أخيه الإنسان ليست بسيطة، أو عديمة الأثر،
إنه بافترائه يظلم ويؤذي، ويضر ويسيئ، ويشوه ويزور، ويهدم ويخرب،
يشوه السمعة، ويضر بمصالح الناس، ويدمر مستقبل الكثير،
لكن المفتري ما علم أن عاقبة الافتراء وخيمة، وخاتمة الظلم سخيمة،
وأن الله لا يقبل أن تشيع الفاحشة في صفوف الذين آمنوا، وأن الظلم مهما طال فهو إلى زوال،
فالله ناصرٌ عبده، نافذٌ وعده، عدلٌ قضاؤه، وحقٌ انتقامه،
فهو سبحانه منتقمٌ من الظالم وضاربٌ على يده، ومنتصرٌ لصاحب الحق وآخذٌ بيده...