لا بديل عن الراعي المصري للمصالحة
بقلم/ دياب اللوح
نشرت صحيفة الأهرام المصرية خبراً لم تستند فيه إلى أي مصدر رسمي أو غير رسمي, ادعت من خلاله أن الرئيس محمود عباس طالب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان برعاية ملف المصالحة بدلاً من مصر , وادعت أن العلاقة بين القاهرة ورام الله تشهد فتوراً أيضاً.
والغريب في الأمر هو أن هذا الخبر المفبرك والعاري عن الصحة تماماً قد جاء في الوقت الذي كان فيه مسؤول ملف الحوار والمصالحة في حركة فتح عزام الأحمد يجري محادثات مع المسؤولين المصريين حول سبل وكيفية إنجاح الجهود المصرية الدؤوبة والمباركة لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية, وقد قال عزام الأحمد للمسئولين المصريين حتى لو أنتم أردتم وقبلتم ترك هذا الملف فإننا في حركة فتح لا نريد ولن نقبل بذلك أبداً, وإننا لن نقبل بديلاً عن الدور المصري الرسمي والأصيل في احتضان الحوار الوطني الفلسطيني ورعاية وإنجاز تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
قامت مصر الشقيقة برعاية ملف الحوار والمصالحة منذ اللحظة الأولى من وقوع الانقسام, وهي الجانب العربي الحصري الذي يرعى المصالحة عبر جهاز المخابرات المصرية العامة برعاية مستمرة ودعم مباشر من الرئيس المصري, وتولى وتابع هذا الدور كوكبة من المسؤولين المصريين الخبراء في الشأن الفلسطيني, والذين بذلوا ولا زالوا يبذلون جهوداً حثيثة ومتواصلة على مدار الساعة وعبر آلاف الساعات من العمل والحوار والاتصال والتنسيق من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني وطي هذه الصفحة السوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني, إلى أن أثمرت هذه الجهود المثمرة عن التوصل لوثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني في الرابع من مايو / آيار عام 2011م التي استندت بشكل أساسي إلى وثيقة الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية , واعتماد توقيع الورقة المصرية للمصالحة , وعُرِف هذا الاتفاق باتفاق القاهرة الذي لا زالت حركة فتح متمسكة به وعلى أتم الاستعداد والجاهزية الوطنية والسياسية لتنفيذه بشكل كامل وتنفيذ إعلان الدوحة لتشكيل حكومة وفاق وطني فلسطيني والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني.
منذ ذلك الحين بُذِلت جهود داعمة ومساندة من بعض الدول الشقيقة والصديقة مثل قطر والمغرب وتركيا, ومن بعض الأطراف المؤازرة غير الرسمية , سواءً في استضافة وفود رسمية أو غير رسمية وعقد الندوات والمؤتمرات والتي كان آخرها مؤتمر الرباط في يناير الماضي 2013م, والتي رأت حركة فتح فيها بأنها جهود مؤازرة ومساندة للدور المصري الاستراتيجي وليست بديلاً عنه.
لا زالت حركة فتح متمسكة , وسوف تظل تتمسك بالدور المصري الرسمي المسؤول والمٌقدر عالياً في رعاية الحوار الوطني الفلسطيني بين طرفي الانقسام الفلسطيني والقوى والشخصيات الوطنية الفلسطينية كافة , لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة, ووضع الواقع الفلسطيني المأزوم والمنقسم على نفسه على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون والشراكة بين جميع الأطراف والأقطاب في الساحة الفلسطينية , والعمل على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
ويأتي هذا الموقف الثابت لحركة فتح من استمرار دور مصر الشقيقة في رعاية الحوار والمصالحة الفلسطينية لأسباب موضوعية هامة كثيرة يقف في مقدمتها خصوصية العلاقة التاريخية الإستراتيجية الممتدة بين فلسطين ومصر , وعمق المصالح المتبادلة بين البلدين في كافة المجالات السياسية والأمنية والإستراتيجية والثنائية المشتركة , سيما وأن الأمن القومي المصري يتأثر سلباً وإيجاباً من عمقه مع فلسطين وخاصة مع قطاع غزة الجار الشمالي لمصر .
إن محاولات تعكير صفو الأجواء بين القيادتين الفلسطينية والمصرية, ومحاولات زرع الفتنة والريبة والشك والشقاق بينهما هي محاولات مكشوفة ويائسة ولن تفلح في دق إسفين بين الأخوة والأشقاء في الجانبين المصري والفلسطيني , اللذين ما انفكا يؤكدان عمق العلاقة و التعاون والتنسيق بينهما.
تُعرب حركة فتح مجدداً عن عميق شكرها وعظيم امتنانها للدور المصري الاستراتيجي الثابت في رعاية الحوار الوطني الفلسطيني قبل وبعد وقوع الانقسام , وتُثمن عالياً الجهود المصرية المستمرة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية, والذي هو امتداد طبيعي للدور المصري التاريخي الثابت, الذي لطالما وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع وقضيته العادلة وحقوقه الثابتة في الحرية والاستقلال الوطني والعودة وحق تقرير المصير منذ عام 1948م وحتى الآن, لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ومنع تمدد المشروع الصهيوني في التوسع والانتشار, وتحرير الأرض المحتلة, وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة عليها وعاصمتها القدس الشريف.
التحية كل التحية إلى مصر العظيمة وشعب مصر العظيم
24 /4/2013م