صبرا وشاتيلا رمزا لحق العودة
بسام صالح
عندما وطئت قدماي عام 2002 الشارع المحاذي لمخيم شاتيلا، وبعد غياب
استمر اكثر من عشرين عاما، اصابني الدوران وكدت اسقط على الارض، لا لما شاهدته
امامي بل من عنف الذاكرة التي اجتاحت اعمق اعماقي، تتالت الصور وكانني اشاهد فيلما
من افلام الخيال، بدأ بتواجد اول مقاتلي الثورة الفلسطينية في لبنان ليمتد الى
عنفوان المد الثوري العربي الفلسطيني اللذي حول مخيمات اللجؤ الى معسكرات تدريب سياسي وعسكري وشكل نقطة تحول في تاريخ شعبنا الفلسطيني
وبشكل خاص لابناء المخيمات الذين عانوا ومازالوا يعانون ابشع انواع التمييز
والحرمان من ابسط قواعد حقوق الانسان.
كان الدوران يشتد مع اقتراب المشاهد التي وضعت كلمة
النهاية للتواجد الفلسطيني المسلح في لبنان بعد صمود اسطوري امام الالة الحربية
الصهيوامريكية والتي فرضت وبشروط وضمانات دولية خروج قوات الثورة الفلسطينية، كان
ذلك من اتعس الايام التي مرت على شعبنا وعلى من عرف اهمية تواجد الثورة وتحالفاتها
في لبنان.
الاتفاق الذي وقعته منظمة التحرير اضافة لتامين خروج
المقاتلين باسلحتهم وبكرامتهم ذلك الاتفاق نص ايضا على تامين الامن في المخيمات
الفلسطينية وعدم المساس باهالي المخيمات، وفعلا تم انتشار القوات الدولية على حدود
المخيمات الفلسطينية، ولكن العدو الاسرائيلي الذي احتل ولاول مرة عاصمة عربية كان
متواجدا ايضا في بيروت وفي معظم المدن اللبنانية، ورغم ذلك انتشار القوات الدولية
لحماية مخيمات اللجؤ فشل فشلا ذريعا تحت سمع وبصر القوات الدولية، والتي تفيد
التحقيقات المتوفرة وشهود عيان،ان هذه القوات الدولية قامت بعملية انسحاب مؤقت، قبل
الخامس عشر من سبتمبر،بينما بدأت المجزرة في اليوم التالي واستمرت ما يقارب 72 ساعة
من القتل والبطش دون تمييز بين رجل او امرأة طفل او كبير في السن الكل كان متساويا
امام قانون الغاب الصهيوني الفاشي، خلاصة هذا العمل الاجرامي المدعوم ما يزيد عن
ثلاثة الاف شهيد فلسطيني تمت اضافتهم لشهداء مسيرة التحررالوطني
الفلسطيني.
صبرا وشاتيلا لم تكن ولن تكون اول او اخر مجزرة
ترتكبها القوات الصهيونية بحق شعبنا من كفر قاسم الى دير ياسين ومن مدرسة بحر البقر
الى عزة ومازالت معركة التصفية العرقية قائمة بين الفلسطينيين والاحتلال
الاسرائيلي، الى مجزرتي قانا الاولي والثانية، كانت هذه المشاهد تدور في خلايا عقلي
وتحرق معها وجداني وانسانيتي.
افقت من حالة الدوران على طفل لا يتجاوز السابعة من
العمر يقدم كاسا من الماء وينادي عمو خذ اشرب ميه عشان ما تقع على الارض شكرته
بمحبة وحنان وتابعت السير باتجاه مدخل المخيم لالحق باعضاء الوفد الايطالي من لجنة
كي لا ننسى صبرا وشاتيلا.
اليوم وبعد مرور 11 عاما على ذلك اللقاء الذي يتجدد كل
عام لم يتغير المشهد، الحياة في مخيماتنا الفلسطينية تزداد تعقيدا والحياة اليومية
تقف بين الامل والاصرار من جهة واليأس والاستسلام للامر الواقع، والظروف الموضوعية
تشهد ان منطقتنا العربية تمر بمرحلة انتقالية لا يعلم احدا كم ستدوم، وتزداد حدة
الوضع بتواجد ما يزيد على 70 الف فلسطيني نازح من سوريا الى لبنان اضافة الى الوضع
العام العربي المترهل امام احتماليات ضربة عسكرية اطلسية بايدي امريكية لسوريا
العربية.
31 عاما مضت على مجزرة مرعبة
تقشعر لها الابدان لما فيها من قسوة و وحشية ضد الانسان الفلسطيني الذي لا ذنب له
سوى انه ولد فلسطينيا وعاش فلسطينا . اهالي ضحايا المجزرة وشهدائها يطالبون
بالعدالة وبتقديم المجرمين امام المحكمة الدولية بصفتهم ارتكبو جرائم بحق
الانسانية، ولكن لا حياة لمن تنادي الضغط الامريكي على بعض الدول الاوروبية التي
كانت قوانينها تسمح بمحاكمة من ارتكب جرائم بحق الانسانية دفعت بهذه البلدان لتعدل
قوانينها ولم تتمكن اللجان المشكلة لملاحقة مرتكبي مجزرة صبرا وشاتيلا من امثال
شارون الذي انقذته بلجيكيا بتغيير قوانينها.
مجزرة صبرا وشاتيلا ستبقى ذاكرتها حية في ضمائر احرار
العالم الذين ياتون كل عام من ايطاليا وفرنسا وامريكا وفنلدنا واسبانيا ضمن لجنة كي
لا ننسى صبرا وشاتيلا،هذه الضمائر الحرة التي تقدم لاهالي الضحايا اولا ولشعبنا
الفلسطيني وجها اخر لشعوب العالم الغربي ان هناك من يقف الى جانبهم ويتحمل السفر
للحضور الى بيروت والمشاركة في احياء الذكرى وتذكير العالم بان هناك احياء يحتاجون
للتضامن والمساعدة لاحقاق حقوقهم واولها حق العودة حسب القرار 194 الصادر عن الامم
المتحدة وحقهم في الحياة الكريمة في مخيمات اللجؤ الى حين عودتهم هو حق انساني لا
يمكن تجاهله او اهماله.
يقول الرفيق ماوريتسيو موسولينو الناطق الرسمي باسم
لجنة كي لا ننسى صبرا وشاتيلا اننا ناتي كل عام الى بيروت لاحياء ذكرى المجزرة
وللتذكير بان تواجد الفلسطينيين في لبنان هو تواجد مؤقت وان سبب هذا التواجد هو
الاحتلال الاسرائيلي، ولذلك فان المطالبة بحق العودة هو مطالبة ايضا بتنفيذ قرارات
الشرعية الدولية التي لم يعد ممكننا القبول باي تاجيل لتنفيذها، واضاف ان حق العودة
واصرار القيادة الفلسطينية على تنفيذ القرار 194 ومنذ فشل كامب ديفيد عام 2000 هو
احد اسباب فشل العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والاسرائيليين هذا مع معرفتنا بان
الحكومة الاسرائيلية لا تريد ولا تبحث عن وسائل حقيقية لتحقيق السلام مع فلسطين.
وبحصوص ما تقوم به اللجنة من نشاطات ركز على اهمية العمل الاعلامي وفضح الاساليب
الصهيونية واكاذيبها حول طبيعة الصراع الدائر في المنطقة
.
ومن الجدير بالذكر ان الوفد الايطالي قام بزيارة
للجنوب اللبناني ولبعض المخيمات الفلسطينية والتقى ولاول مرة مع وفد يمثل كافة
فصائل المقاومة الفلسطينية وذلك بمقر سفارة دولة فلسطين في لبنان، حيث القى الاخ
ابو ماهر امين سرحركة فتح في لبنان كلمة الفصائل الفلسطينية رحب فيها بوفد لجنة كي
لا ننسى واكد تمسك القيادة الفلسطينية بالثوابت الوطنية التي تعتبر خطا احمر لا
يستطيع احد تجاوزها وركز على اهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة عمليات القمع
والتعسف الاجرامي الذي تمارسه قوات الاحتلال الاسرائيلي سواء في الضفة او في غزة او
القدس.
كما سيشارك الوفد
الايطالي بمسيرة احياء الذكرى يوم الجمعة وسيلتقى مع اهالي الضحايا في مخيم شاتيلا
ضمن مؤسسة بيت اطفال الصمود.