ربحنا شيئاً وضاعت منًا أشياء
بقلم المحلل السياسي الفلسطيني
ابو سامر
......كثيرة هي القرارات الصادرة عن مؤسسات المجتمع الدولي والتي تعترف بالحقوق الفلسطينية الثابتة غير قابلة للتصرف ، وطويلة هي سنوات العذاب والآلام عاناها الفلسطينيون تحت الإحتلال وفي المنافي ومناطق الشتات، وعظيمة هي التضحيات الجسام والمعاناة القاسية التي لا يحتملها بشر، وكبيرة هي الطموحات والآمال الفلسطينية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها " القدس الشريف " ...مشواركفاحي طويل امتد على مسافة خمسة وستون عاماً عاشها الفلسطيني وهو يحمل حنين العودة إلى الوطن المغتصب ومعه مفتاح الدار العتيق ...في هذا السياق من الصبر الأيوبي المذهل ، جاءت الخطوة الفلسطينية الجريئة في الأمم المتحدة وتحصد فلسطين " الكيان المراقب سابقاً " ،" صفة دولة " عضو مراقب اعتراف 138 دولة ومعارضة 9 دول من دول العالم وامتناع 41 دولة عن التصويت . هذا الإنجاز الدبلوماسي المعنوي الرمزي جاء مكملاً للإنجاز العسكري الذي تحقق منذ أيام قليلة أثناء العدوان الصهيوني على غزة . وكأن الأقدار ترسم لنا مستقبل الإنتصارات المتتالية والأمل المشرق ، وهذا ما كان له أن يتحقق لولا الفضل الإلهي والعناية الإلهية الحاضنة .
فما قيمة هذا الإنتصار السياسي ؟ وما هي أبعاده السياسية وتداعياته على مجرى تطورات الصراع في المنطقة ؟ وكيف يمكن تثمير هذا الإنجاز والإستفادة منه في تركيم المكتسبات وصولاً إلى ما هو أكبر وأعظم ؟
لا شك بأن ما جرى في الأمم المتحدة مهم من المنظور النظري والتاريخي ويشكًل حافزاً لخطوات أخرى في المحافل الدولية ضد العدو الصهيوني وسياساته الإجرامية وملاحقة قياداته ومحاسبتها إذا أحسنت القيادة الفلسطينية ربطها جدلياً بإطار مشروع كفاحي يتكامل فيه العمل المقاوم مع العمل الديبلوماسي والسياسي . . ولا نبالغ إذ قلنا مسبقاً بأن القرار قد يضاف إلى أشقائه من القرارات الدولية وما أكثرها بسبب الإستهتار الصهيوني بالمجتمع الدولي ، وبالتالي لا يكلًف سوى الحبر الذي استهلك في كتابته.
ينطوي القرار الدولي على مجموعة من الإيجابيات والسلبيات في إطار الصراع العربي الصهيوني :
- إذ صار بالإمكان إنضمام فلسطين وبشكل رسمي إلى جميع هيئات ومؤسسات المجتمع الدولي وفي مقدمتها محكمة العدل الدولية وما تعنيه من محاصرة الكيان الصهيوني ومطاردة قيادته المجرمة .
- إلغاء " إتفاق أوسلو " الذي كان له آثار كارثية على المشروع الوطني الفلسطيني وما أنتجه من إنقسامات أساءت للقضية الفلسطينية كثيراً .
- تهيئة مناخات إيجابية لإنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة الوطنية التي طال انتظارها وبالتالي توفير إمكانية الإتفاق على مشروع نضالي يقود المرحلة المقبلة .
- استنهاض الشارع العربي والإسلامي ومعه كل شرفاء وأحرار العالم والتفافهم مجدداً حول القضية المركزية .
أما سلبيات القرار فيمكن إيجازها بما يلي :
- الإعتراف ب " إسرائيل " و بشرعية إحتلالها للأرض الفلسطينية التي تشكًل 80% من أرض فلسطين التاريخية مما يؤدًي لاحقاً نتيجة إختلال موازين القوى الدولية الحالية إلى الإعتراف بيهودية " دولة إسرائيل " مما قد يتسبًب في تشجيع العدو على تنفيذ خطة الترانسفير وطرد مليون وربع مليون فلسطيني من أراضيهم في مناطق ال 48 .
- التنازل عن حق العودة ل 6 مليون فلسطيني موزعين في بلاد المنافي والشتات . ومساعدة العدو الصهيوني على التخلًص من مشكلة تاريخية كان تسبًب له قلقاً على مدار السنوات الطويلة .
- فتح باب المفاوضات العقيمة مجددا ًلتفريغ القرار الدولي من مضمونه التغييري في مجرى الصراع .
إن الإقرار الدولي بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني يجب أن لا يقعدنا عن الإستمرار في المقاومة حتى تحقيق شعار الشهداء بتحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر. رغم التهديدات الصهيونية بإعادة إحتلال الضفة الغربية وإتخاذ إجراءات إنتقامية ضد الفلسطينيين سوا في الضفة أو في القطاع .
الصراع مع العدو طويل وطويل جداً ، فلا تأخذنا الفرحة الموهومة المبالغ فيها، بعيداً وننسى طبيعة العدو الإستعمارية الإستيطانية الإجلائية . وعلينا إختيار التكتيك المناسب الذي يخدم الإستراتيجية ، وإلاً نكون قد ربحنا خطوة وخسرنا كل الخطوات ومعه نخسر فلسطين وندخل في نكبة ثانية . الحذر الحذر واليد على الصاروخ ...
علي حمادة
1