وفد الفصائل أم وفد منظمة التحرير ؟ ما هي تسمية الوفد الذي سيغادر إلى غزة ؟ هذا هو النقاش الذي أشغل القوى السياسية هذا الأسبوع في رام الله ، اتفقوا أخيرا أن يكون 'وفد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ' لتقوم بزيارة إلى غزة بدلا من وفد اللجنة التنفيذية للمنظمة لأن فصائل المنظمة ليست جميعها جزء من الخلاف الدائر في الساحة الفلسطينية ولا تريد أن تكون المنظمة في كفة وحماس في الأخرى ولأن المنظمة منذ إنشائها هي الطبقة السياسية الأعلى في النظام السياسي الفلسطيني ولا يننبغي أن تكون طرفا في صراع على السلطة نشأ في ولاية واحدة من ولايات المنظمة الجغرافية . لكن هذا الوفد الذي لم يحدد موعد وصوله لغزة لانشغال رئيسه بالسفر إلى القاهرة لحضور اجتماع البرلمانين العرب في الثالث عشر من الشهر الجاري وفي ذلك ما يثير أسئلة حول المهمة لأن الأيام الأربعة التي تفصلنا عن اجتماع البرلمانين تكفي لزيارة غزة ولكن تلك تعتبر إشارة لا تعكس جدية حقيقية كما كل توقعات المراقبين والمتابعين لكل تلك الزيارات المكوكية والتي كانت نتائجها جميعا صفر بامتياز . وعندما يكون الحديث عن المصالحة ومنظمة التحرير تثار تساؤلات عن الفصائل المكونة لها ويمكن تقسيمها لثلاثة ، الأولى حركة فتح صاحبة القرار الأول والأخير في المنظمة والمصالحة وهي صاحبة النفوذ والمال والسلطة ولا شيء بدونها ، والثانية فصائل لم تعد موجودة على الأرض منذ زمن ممثلة في المنظمة ارتباطا بتوازنات قديمة وهي تعتمد كليا في موازنتها على حركة فتح وثالثا فصائل موجودة وإن كانت ضعيفة ولكن بلا حضور سياسي أو قوة تمكنها من التأثير في القرار ،وتلك اصطفت على الجدار طوال سنوات الانقسام ولو كان لديها ما تفعله في هذا الملف لما انتظرت طوال تلك المدة بانتظار وفد يترأسه السيد عزام الأحمد وهذا ما يجعل السؤال حول طبيعة مهمة الوفد وإمكانية نجاحه بمهتمه سؤال عام ينبغي تحصيصه على نمط هل هناك جديد لدى حركتي فتح وحماس ؟ وهل هناك تغيرات حقيقية لدى الطرفين حتى نحكم على مهمة الوفد ؟
أكرم عطا الله كاتب هذا المقال يقول:'منطق الأشياء يقول نعم ، لكن اللامنطق الذي سارت به الفصائل لسنوات طويلة يقول أن كل تلك الضرورات الوطنية والإقليمية لا تؤخذ بعين الاعتبار بل ويمكن أن تؤخذ ببعدها السلبي للتخريب على المصالحة . إذن الأمر مرتبط بالحركتين الأكبر فلسطينيا فكيف تفكر حركة فتح أو ماذا يفكر الرئيس أبو مازن ؟ على الأغلب أن هناك حالة فراغ سياسي كبير جدا ربما أن الرئيس يريد أن يحدث نوع من الحركة في إطار الثبات في المكان تتمثل في عدم الحفاظ على صورة الانقسام خاصة أن الاتهامات المتبادلة عادت في الأسابيع الأخيرة وفي نفس الوقت عدم إتمام المصالحة لأن في إتمامها حاليا ما يسلح نتنياهو في إطار دعايته الانتخابية كما يعتقد حيث أن التقارب بين الحركتين كان أحد أهم شعارات نتنياهو للتأكيد على صحة سياسته تجاه الرئيس الفلسطيني وهذه لن تجعل أبو مازن يحدث أي تغيير في الملف إلى ما قبل الانتخابات الإسرائيلية ، بالإضافة أن مرور وقت أطول يساعد على تأهيل أكبر لحركة حماس التي تزداد معاناتها في غزة ويمكن أن تقدم تنازلات أكثر . وبالمقابل كيف تفكر حركة حماس ؟ هي تريد مصالحة وفقا لشروطها وتعتقد أن لديها مستجدات يجب أن تقرأها رام الله بشكل مختلف، الأولى هي عودة التمويل الإيراني للحركة ما يساعدها على الصمود والتوقف عن التنازلات، فالمال الإيراني في طريقه لغزة ولا داعي لليونة قدمتها خلال الأشهر الماضية سببها الأزمة المالية، والمستجد الثاني هو التغيير في السعودية بعد وفاة الملك عبد الله وتسلم الملك سليمان للحكم وإحداث بعض التغييرات في النظام الحاكم هناك ما فسر لدى الحركة بأن هناك انقلابا في السعودية لصالح الإخوان وحركة حماس ويمكن أن تضغط السعودية على القاهرة لصالح الحركة ورفع الحصار وأن القاهرة تعيش أزمة اقتصادية يلعب التمويل السعودي دور شريان الحياة وبالتالي فإن مرور وقت أطول سيقوي أوراق الحركة في مواجهة الرئيس الفلسطيني . هذا يعني أن الطرفين ليسا جاهزين هذا الوقت بالذات لتحقيق ما فشلا به خلال أشهر ماضية ربما كانت الظروف الإقليمية والإسرائيلية أكثر مساندة للوضع الداخلي لإنجاز التوافق ولكن المستجدات هذه المرة تلعب دور سلبي يجعل من الاعتقاد أن هذا الوفد القادم يمكن أن يقدم ما هو جديد أو يتقدم على صعيد هذا الملف هو جزء من الأحلام التي بدأت تخفت في الأشهر الأخيرة منذ توقيع اتفاق الشاطئ . نتنياهو سيفوز على الأغلب بكل الظروف ليس لأن حزب الليكود سيتقدم أو يتراجع فالمسألة أبعد ، بل لأن كتلة اليمين في الكنيست القادمة هي الأكبر وتبدو احتمالات تشكيل العمل للحكومة حتى لو تجاوز الليكود أمرا شبه مستحيل فقد تفوق حزب كاديما برئاسة ليفني في انتخابات 2009 على الليكود ومع ذلك لم تتمكن من تشكيل الحكومة . وبالمقابل من الصعب تصور عودة الدعم الإيراني لحماس كما كان قبل سنوات فالثقة حين تنكسر لا يمكن ترميمها وعلى الحركة أن تقرأ أيضا أن الأمل الكبير الذي ظهر بتسلم الملك سليمان للسعودية وجهت له ضربة كبيرة بسيطرة الحوثيين في اليمن التي تشكل خطرا على السعودية وتدفعها للاقتراب أكثر من مصر باعتبارها القوة العربية الأكبر وهذا تم ترجمته في مكالمة الملك السعودي للرئيس المصري بالأمس والتأكيد على عدم إجراء أي تغيير للسياسة السعودية تجاه القاهرة . إذن الأوهام التي تصنعها الفصائل كموانع للتوافق هي أوهام خاطئة ولكن الأساس أن التعقيدات أكبر من التغيرات الإقليمية فهي موجودة في تنافس البرامج وتنافس الأفراد والاعتقاد بأن كل منهم يملك ناصية الحقيقة وعلى الأخر أن يقدم التنازلات وسط هذه الأجواء يمكن القول أن وفد الفصائل الذي إن قدر له زيارة غزة لن ' يشيل الزير من البئر ' ..!