هي "طبول الحرب" وقد بدأت تُقرَع في المنطقة، في مشهد بدا أشبه بـ"الحرب الباردة" بين الدول الكبرى التي باتت منقسمة لمعسكَرين، معسكر يدين بالولاء للولايات المتحدة الأميركية وآخر يناصر روسيا..
هي "طبول الحرب" وقد بدأت تُقرَع في المنطقة، في ضوء "التلويحات" الآخذة في "التصاعد" بـ"ردّ غربي" منتظر على ما تقول بعض الدول أنه استخدام للسلاح الكيماوي من قبل النظام السوري ضدّ شعبه، ولو من دون موافقة مجلس الأمن الدولي، علما أنّ مفتشي الأمم المتحدة لم يعطوا بعد جوابا "حاسما" على هذا الصعيد..
هي "طبول الحرب" وقد بدأت تُقرَع في المنطقة، والتي سارعت سوريا للردّ عليها بتأكيد "جهوزيتها" لكلّ "السيناريوهات"، فيما كانت روسيا تحذر من "عواقبها الوخيمة" وتنبّه من خطورة اللجوء لأيّ خيار خارج مجلس الأمن باعتبار ذلك "خرقا فاضحا لميثاق الأمم المتحدة"..
وعلى وقع "قرع طبول الحرب"، كان لبنان يواجه "حربه المذهبية" على طريقته بين طرابلس والضاحية، في مشهد دخل على خطه رجال الدين، محاولين بثّ رسالة "وحدوية" تقضي على أهداف منفذي التفجيرات الأخيرة، وتمنع بعض من وقعوا في "الفخ" إلى "الانجرار" و"جرّ" البلاد معهم نحو "المجهول" الذي، إن تحقق، لن يوفّر لا أخضر ولا يابسا!
هل يتحرّك الغرب دون موافقة مجلس الأمن؟!
خلال الساعات الماضية، استمرّ "قرع طبول الحرب" في المنطقة، حتى أنّ معظم الدول دخلت على خط "الاتهامات" و"الاتهامات المتبادلة" تمهيدا لـ"خيار ما" ينتظره الجميع من "القطب" الأميركي الذي لم يُتّخذ بعد، إذ إنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يزال في مرحلة "تقويم الرد المناسب"، لكنه لم يتّخذ بعد القرار في شأن طريقة الرد، على حدّ تعبير الناطق باسم البيض الأبيض جاي كارني، الذي لم يحدّد إطارا زمنيا لاتخاذ مثل هذا القرار.
وفيما كان مفتشو الأمم المتحدة للاسلحة الكيميائية يتفقدون منطقة معضمية الشام قرب دمشق للتحقيق في احتمال تعرضها للقصف بأسلحة كيميائية الاسبوع الماضي حيث تعرضوا لهجوم من "قناصة مجهولين"، قرّرت الولايات المتحدة الأميركية أنّ الملف محسوم وأنّ الحكومة السورية مذنبة، وذهب وزير خارجيتها جون كيري ليقول أنّ "المجزرة العمياء في حق مدنيين وقتل نساء واطفال وعابرين ابرياء بواسطة اسلحة كيميائية يشكل وقاحة اخلاقية"، وشدد على ان كل الدول يجب ان تتخذ موقفا للمحاسبة عن استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا.
وانسجاما مع المواقف الاميركية، خرجت مواقف غربية بالجملة مؤيدة لرد "عسكري" على سوريا، ولعلّ أكثرها صراحة كان موقف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الذي ألمح إلى أنه من الممكن الرد على استخدام اسلحة كيماوية في سوريا دون موافقة مجلس الامن التابع للامم المتحدة بالاجماع، مشيرا إلى أنّ مجلس الأمن لم يتحمّل مسؤولياته تجاه ما يحصل في سوريا. وسريعا دخلت تركيا على الخط، إذ أعلن وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو أنّ بلاده ستنضم الى اي تحالف ضد سوريا حتى اذا لم يتسن التوصل الى توافق أوسع في الاراء في مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
إسرائيل في مرمى النيران السورية؟!
وبانتظار حسم هذه الدول لـ"خياراتها"، برز تحذير روسي واضح على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف من أنّ التدخل في سوريا من دون موافقة الأمم المتحدة سيشكل "انتهاكا فاضحا للقانون الدولي"، مشدّدا في الوقت عينه على أنّ روسيا "لا تعتزم الدخول في أي حرب مع أي كان" من أجل سوريا. وفي الموازاة، لفت إعلان العراق معارضته لاستخدام أجوائه في أي عمل عسكري ضد سوريا، كما أوضح المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي علي الموسوي، الذي أكد أن الدستور العراقي لا يسمح بأن تكون أرض العراق منطلقا لأي اعتداء على أية دولة.
سوريًا، وبعد إعلان الرئيس بشار الأسد أنّ مصير أي تدخل عسكري اميركي في سوريا سيكون الفشل "مثلما حدث في كل الحروب السابقة التي شنتها، ابتداء بفيتنام وحتى الوقت الراهن"، لفت كلام لمعاون وزير الاعلام السوري عمران الزعبي، خلف المفتاح، أعلن فيه أن سوريا تمتلك سلاحا استراتيجيا وهي قادرة على الرد على أي هجمات غربية محتملة، لافتا إلى أنّ السلاح الاستراتيجي موجه بالاساس الى اسرائيل "ولذلك ستعتبر دمشق ان اسرائيل هي التي وراء هذا العدوان وستكون في مرمى النيران السورية".
وعلى الخط نفسه، لفت تهديد "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" باستهداف مصالح أي جهة تشارك في "العدوان" على سوريا، لافتة إلى أنّ "كل من يشترك في العدوان على سوريا ستصبح مصالحه في المنطقة هدفاً مشروعاً".
حين شرّعت أبواب لبنان أمام الفتنة...
إلى لبنان، الذي دخل خلال الساعات الماضية في "مواجهة" مع مخطط الفتنة المذهبية المشبوه، وقد لفت تحرّك لرجال الدين على هذا الصعيد من مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي جال على مواقع التفجيرات من طرابلس إلى الضاحية الجنوبية لبيروت إلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي زار المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى معزيا بضحايا تفجير الرويس بعد زيارة مماثلة إلى طرابلس. وفيما برز "توافق" بين قباني والراعي على أنّ السياسيين من الفريقين هم سبب ما وصلت إليه البلاد، إذ إنهم لو التقوا وتفاهموا وتصارحوا وتصالحوا لما حصلت هذه التفجيرات كما قال الراعي، كان المفتي قباني صارما في ضرورة مواجهة مخطط الفتنة عبر تشكيل حكومة قادرة تنقل الخلاف من الشارع سريعا.
في غضون ذلك، التأم المجلس الأعلى للدفاع حيث تداول التدابير الواجب اتخاذها لرفع جهوزية القوى العسكرية والامنية والدفاع المدني لحفظ النظام وحماية المواطنين والمؤسسات والأملاك العامة والخاصة ودور العبادة، وفي عملية إحصاء عدد القتلى والجرحى والأضرار المادية، تمهيدا للتعويض عليها وفقا للأصول، واتخذ القرارات المناسبة في شأن الأمور التي عالجها وحدد السبل الواجب اتباعها لوضع هذه القرارات موضع التنفيذ. وقام المجلس بتوزيع المهام على الوزارات والإدارات المعنية، وأبقى على مقرراته سرية تطبيقا للنص القانوني. وفي سياق متصل، لفت إعلان رئيس بلدية بيروت بلال حمد أنّ مجلس البلدية سيُقر تركيب كاميرات في شوارع العاصمة، كما سيتخذ قراراً بتوسيع مهام الحرس البلدي.
وفي "تداعيات" الأحداث الأمنية، وفيما استمرّ مسلسل "الاشتباه" بالسيارات في مختلف المناطق اللبنانية، أوضح رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنّ هذه الأسباب الأمنية هي التي دفعت قيادة حركة "أمل" الى تأجيل مهرجان ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه الـ35 في النبطية تعود الى اسباب أمنية وحفاظا على حياة المشاركين وسلامتهم.
وفي السياسة، لفت ما سمي بـ"نداء النصح والمناشدة" الذي وجّهته كتلة "المستقبل" إلى "حزب الله" لـ"يقي أهل لبنان وسوريا المزيد من الشرور والنكبات بالانسحاب من سوريا والعودة إلى الوطن والأهل والانضواء تحت سلطة الدولة ومرجعيتها الحصرية"، مشيرة إلى أنّ "أبواب لبنان شرّعت أمام الفتنة والشر من كل حدب وصوب يوم خرج حزب الله بمهامه من لبنان وتجاوز مصالح بلده والمواثيق والعقود الوطنية اللبنانية، لينخرط في الصراع المسلح في سوريا.
كلمة أخيرة..
هي "طبول الحرب" تُقرَع بشدّة في المنطقة، ومعها "العواقب الوخيمة" التي يلمح إليها الجانب الروسي..
وإذا كان مجرّد "قرع" هذه الطبول بمثابة "حرب نفسية"، فإنّ الخشية، كل الخشية، مما يمكن أن يحصل في حال تحوّل "القرع" إلى أوامر عملية وتنفيذية، ومن يدرك "تداعيات" تكرار النموذج العراقي في سوريا، لا سمح الله..
"طبول الحرب" تقرع في المنطقة، والخشية من أن يكون "الآتي أعظم" لا محالة!