معركة الدولة الفلسطينية
وليد ظاهر
ان توقيع الرئيس الفلسطيني لـ ١٥ معاهدة واتفاقية لانضمام دولة فلسطين لها، يكون قد طوى صفحة من التسويف والمراوغة والابتزاز الاسرائيلية، التي تتحمل وحدها المسؤولية عن إيصال المفاوضات الى أفق مسدود، خاصة بعد نكثها بتعهدها للإدارة الامريكية بالإفراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، والذي كان شرطا فلسطينيا مقابل تأجيل التوجه للانضمام الى المعاهدات والاتفاقيات الدولية، الحق الذي حصلنا عليه بعد حصولنا على عضوية مراقب في الامم المتحدة، وكانت القيادة الفلسطينية قد وافقت على الدخول في مفاوضات لمدة ٩ اشهر لمنح فرصة للسلام.
ان التوقيع شكل صفعة وصدمة قوية لنتياهو وحكومته المتطرفة، الذين اصيبوا بغرور القوة، معتقدين ان القيادة الفلسطينية لا تملك خيار آخر سوى الاستجابة لشروطهم، بالرغم من الجهود الحثيثة التي قام بها الراعي الامريكي بالمفاوضات، الا انه وقف عاجزا امام التعنت والشروط الاسرائيلية، ولم يستطع ترجمة أقواله الى أفعال.
فجاء الرد الفلسطيني والموقف الصلب الذي عبرت عنه قيادتنا الوطنية في اكثر من مناسبة لا مساومة او مهادنة في الحق الفلسطيني، ولسان حالها يقول نعم نحن مع مفاوضات وغايتنا السلام، لكن ليس بأي ثمن، فاما مفاوضات ذات مرجعية واضحة على حسب ما أقرته الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، والا فان لدينا الكثير من الخيارات لانتزاع حقوقنا في الحرية والاستقلال.
فأعقب توقيع الرئيس ارتفاع في وتيرة التهديدات الاسرائيلية ضده، تارة بالتصفية السياسية وتارة اخرى بان الرئيس سيدفع ثمن باهظ جراء توقيعه، معتقدين ان ذلك سيخيف قيادتنا ويجعلها تتراجع عن قرارها، يا لهم من حمقى ان قيادتنا الصلبة التي قالت لا لأمريكا، تمتلك من القوة والرصيد الشعبي الكثير.
اما المراهنة الاسرائيلية على العابثين والمتاجرين بالقضية الفلسطينية، اصحاب الاجندات الخاصة والشعارات البراقة، والذين تتقاطع مصالحهم مع الاحتلال الاسرائيلي، وأولئك الذين اتخذوا من الدين والوطن، والصعود الى المنابر والخطب العنترية والشعارات الجوفاء، مهنة لهم لدغدغة عواطف شعبنا الصامد المرابط على أرضه، ويتغنون بــ "المقاومة" وفي نفس الوقت يقرون في اتفاقية مع اسرائيل بان مقاومتهم "أعمال عدائية"، ويروجون بان القيادة الفلسطينية قد تنازلت في مفاوضات "عبثية" حسب ادعائهم، نتحدى صغيرهم قبل كبيرهم ان يذكروا تنازل واحد قد حدث منذ اعلان الاستقلال في الجزائر الى وقتنا الحاضر، ام ان حمى الاخوان المسلمين قد سيطرت عليهم واعمت بصيرتهم، متناسين ان "دولة غزة" حلم إسرائيلي.
وأخيرا نقول خسئتم، لقد خسرتم الرهان، ان القيادة الفلسطينية الثابتة على الثوابت المتمترسة خلف الحقوق الفلسطينية، قادرة بالقول والفعل ان تكون صمام الأمان والقلعة المنيعة للثوابت الفلسطينية، ولن يضيع حق وراءه ابو مازن، مع تأكيدنا على ان وعي وذاكرة شعبنا المعطاء، الذي لم يبخل يوما في التضحية من اجل قضيته كفيل بهزيمتكم وفضح مؤامراتكم، وان مصيركم الى مزابل التاريخ دون رجعة اذا لم تعودوا الى فلسطينيتكم.
وليد ظاهر
رئيس تحرير المكتب الصحفي الفلسطيني - الدنمارك "فلسطيننا"