لم يعد هناك التباس او غموض لدى العامة من المواطنين الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة، وبالضرورة باتت الصورة واضحة وجلية لدى القوى الوطنية، الجميع اصبح يعلم علم اليقين، أن حركة الانقلاب الحمساوية، هي, وليس أحد غيرها من يتحمل أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وكل الأزمات، التي يعيشها المليون وستمئة الف مواطن في محافظات غزة.
كما لم يعد خافيا على احد الاهداف الحقيقية لافتعال الأزمة (تم التعرض لها قبل يومين في هذه الزاوية، وتعرض لها اكثر من كاتب وصحفي) وجوهرها تأبيد الامارة على حساب وحدة الارض والشعب والقضية والاهداف الوطنية، وفصل القطاع كليا عن الضفة والقدس والشرعية الوطنية.
وحتى تغطي مافيات الانقلاب الحمساوي عوراتها قامت اولا بالتحريض والتشهير على شخص الرئيس ابو مازن، محملة إياه «المسؤولية» عن الأزمة. مع ان الوقائع كلها تؤكد ان رئيس الشعب الفلسطيني, هو ورئيس حكومته الدكتور سلام فياض ومن معهما من المعنيين بملف الوقود والكهرباء، بقوا ساهرين على معالجة الأزمة. وارسلوا وفدا مسؤولا الى القاهرة لتنظيم عملية تحويل الاموال المطلوبة للامداد بالوقود، ولكن قيادة الانقلاب رفضت ارسال وفدها، ولم تعلل ذلك الا بالأكاذيب والادعاءات المغرضة على القيادة عموما والرئيس عباس خصوصا. وثانيا تزوير وفبركة وثائق تدعي فيها، ان السلطة مع مصر والاردن والمخابرات الاميركية وطبعا إسرائيل معهم، وقفوا ويقفون وراء الأزمة، و»وضعوا» مخططا لارباك وضعضعة سلطة الانقلاب؟! ثالثا اعتمدت على ذرائعية ساذجة ولا تنطلي على اي مواطن، كالادعاء انها ترفض دخول الوقود من كرم ابو سالم حتى لا تذهب عائدات الضرائب للسلطة، وكأن السلطة قوى «معادية»، وليست (السلطة) التي تحملت وتتحمل مسؤولية النفقات الاساسية في الصحة والتعليم والوقود والكهرباء واقامة العديد من المشاريع مع الدول المانحة ... الخ لأنها (مافيات الانقلاب) تريد الاستيلاء على العائدات لجيوبها. ولكنها بغبائها ودونيتها، تعتقد من خلال افتعال الأزمة الضغط على جمهورية مصر لادخال النفط من معبر رفح او من خلال الانفاق، وتتجاهل ان هذا المنطق المافيوي لا يعني سوى أمر واحد، هو اعفاء اسرائيل من مسؤولياتها تجاه القطاع، ويطرب عقول وقلوب قادة دولة الابرتهايد الاسرائيلية؛ كما تنسى ان الدول المعنية باتفاقية اوسلو والمعابر ومنها مصر وقطر وغيرها لا تستطيع مهما كان شكل ونوع الابتزاز الحمساوي للعرب عموما ومصر خصوصا بما في ذلك تنظيم الاخوان المسلمين، الذين اعلنوا التزامهم القاطع باتفاقيات كامب ديفيد، لا يستطيع احد التساوق مع حركة الانقلاب. ولا يمكن لمصر بما في ذلك حركة الاخوان المسلمين المصرية اعادة قطاع غزة لما كان عليه الوضع قبل حرب العام 1967، لأكثر من سبب، رفض مصر التواطؤ مع اسرائيل لتدمير المشروع الوطني باقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967؛ كما ان مصر لديها من المشاكل والهموم والاعباء، التي تحول بينها وبين مبدأ القبول بهكذا سياسة؛ ايضا التنظيم العالمي للاخوان المسلمين لم يعد يقبل العقلية الصبيانية لقادة حركة حماس، لان مشروعها اوسع واعمق، اي تريد كل الاراضي الفلسطينية، وتعتقد ان الظروف ستكون من وجهة نظرهم ناضجة في حال دخلت حماس منظمة التحرير. رابعا, شن ميليشيات حماس حملة اعتقالات واسعة في اوساط حركة فتح طالت ما يزيد على الخمسين كادرا قياديا من مختلف مدن القطاع، متذرعة بما اعلن عنه مشير المصري وآخرون من قيادة الانقلاب، اكتشافها لتعميم وزع على اعضاء وكوادر فتح لنشر الفوضى في محافظات القطاع.
مجمل ما ورد اعلاه يكشف بما لا يحتاج الى كبير عناء عن هدف حركة حماس في قطاع غزة. الامر الذي يفرض اولا على قيادة حركة حماس في الخارج وخاصة السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي قول كلمة حق إن اراد المصالحة. كما على قيادات وكوادر حماس حيثما كانوا، اولئك المؤمنين بالمصالحة الوطنية اتخاذ موقف واضح لتعرية المافيات وكل اعداء المصالحة. وفي السياق على الاحزاب والقوى الوطنية ايضا إشهار موقفها من اهداف حماس، وعليها تحمل مسؤولياتها تجاه المصالحة ودعمها. وألا تكتفي بالمناشدة بعدم التراشق الاعلامي بين مناصري الوطن والوحدة الوطنية والمافيات ومن يركض في متاهتهم. والامر ينطبق على الشخصيات المستقلة وقادة منظمات المجتمع المدني والاتحادات الشعبية وكل صاحب ضمير حي لمحاصرة قادة الانقلاب داخل الحلقات الوطنية، وبالمقابل على قادة الدول العربية وخاصة مصر وقطر والسودان بالتعاون مع مكتب الارشاد الدولي للاخوان المسلمين الضغط على حماس في قطاع غزة لوقف المسرحية الهزلية، التي تنفذها على ارض القطاع، والعمل على إعادتها الى حاضنة الشرعية الوطنية من خلال فتح بوابات المصالحة على مصاريعها واخراج الشعب الفلسطيني من الأزمة الاخطر في تاريخه السياسي، والانشداد لمواجهة التحديات الاسرائيلية الجاثمة على صدر الارض والشعب والقضية والاهداف الوطنية.