كيف نفهم ما هو مبهم
الفساد ،الرشوة ، الواسطة ،الإختلاس ،الظلم ،القهر، ،الإذلال ،الإستعباد ،امتهان الكرامات ،الكبت ،البطالة ،الفقر،الحرمان ،الجوع ، الخوف ،تكالب الأسر الحاكمة على تضخيم الثروات واستغلال النفوذ ، والتحكّم بمقدرات الشعوب والبلاد ، سيطرة الحزب الواحد والعائلة الواحدة ،أبدية الحكم مع أن أطهر المياه تصبح آسنة إن طال مكوثها في نفس المكان ، توريث متفشي ومستفز،احتكار المناصب والوظائف للأزلام والمحاسيب والأقارب والأصهار والحاشية، صفقات مشبوهة وربح غير مشروع ،إثراء سريع وفاحش غير مسبوق للاعقي أحذية رجالات السلطة ،القضاء الجائر، استبداد أجهزة القمع البوليسية وتسلط المباحث وقوى الأمن ، خنق الحريات ، كتم الأنفاس ،تخويف وإرعاب المواطنين عبر قانون الطوارىء والمحاكم الإستثنائية والعسكرية ،شبيحة وبلطجية النظام ،ملاحقات واعتقالات وتعذيب وقتل وحرب نفسية على المواطن واتهامه بالخيانة وخدمة أجندات خارجية إن هو فكربالتعبير عن حالة القهرالتي يرزح تحتها عبر عشرات السنين ، تلويث النسيج الوطني بإثارة نعرات طائفية ومذهبية واثنية وعرقية ،ابتزاز المواطن باستخدام " فزاعة المؤامرة " على وحدة واستقرار البلاد ، فهم حسب النظام عملاء ، متآمرين ، مندسين ، مأجورين ، سلفيين ، تخريبيين ، مصادرة الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان ، تزوير أنتخابات، دعم الغرب الإستعماري لأنظمة الحكم الديكتاتورية ، حفظ أمن الكيان الصهيوني .......
هذه العناوين والمعطيات والتوصيفات والتشخيصات لواقع الحال وحدها كانت السبب الرئيسي في إحداث انفجارالغضب الشعبي العربي سواء اتخذ طابع هبة جماهيرية أو انتفاضة شعبية أو ثورة شعبية بدأت بحراك مطلبي معيشي فجوبهت بقمع دموي لتتصاعد مطالبة بإسقاط نظام .
أما ما تتناوله بعض التحليلات المشبوهة مدفوعة الأجربأن الإدارة الأمريكية تقف وراء الحراك الشعبي في الوطن العربي بذريعة أن الأنظمة شاخت كثيراً واستنفذ كل ما هو مطلوب منها وبالتالي هي تريد التخلص منها باعتبارها أصبحت عبئا و حملاً ثقيلاً عليها وهي التي نفذت بإخلاص مخططاتها وخدمت مشاريعها ، وأن أي هذه الإدارة تقف الى جانب حقوق الإنسان وتدعم الإصلاحات السياسية في البلاد العربية ، ففي ذلك كل الكذب والإفتراء على الحقيقة والتجني أيضاً ، إذ لا يعقل أن تكون الملايين العربية من المحيط الى الخليج كلها مجندة ومسجلة في دفتر عضوية المخابرات المركزية الأمريكية وتتحرك بالريموت المخابراتي وتخدم أجنداتها وسيناريوهاتها . كلام تافه فيه استخفاف بالعقول واستهتارر بالقيم واستفزاز للمشاعر . والحقيقة الدامغة هي أن دول الغرب الإستعماري تحاول ركوب موجة الثورات لحرفها وحذفها ونسفها وتحقيق مشروعها الإستعماري القديم الجديد في إبقاء دول المنطقة ضعيفة ، مفككة ، منقسمة ومتخلفة حتى تبقى تحت هيمنتها تسرق ثرواتها وتكون مصدراً للمواد الخام وسوقاً لمنتجاتها .
يمكن تلخيص المطالب الإصلاحية للثورات العربية بالتالي :
- إلغاء قانون الطوارىء والأحكام العرفية والمحاكم العسكرية والإستثنائية .
- تعديل الدستور .
- تأمين العدالة الإجتماعية والتسامح واحترام حقوق الإنسان وترسيخ الوحدة الوطنية . .
- السماح بقيام تعددية حزبية وتشكيل أحزاب سياسية ونقابات واتحادات وتوسيع الحريات العامة . .
- توفير مناخات ديمقراطية سليمة عبرانتخاب مجالس تشريعية وتنفيذية وقضائية تكون خاضعة لسلطة الشعب . وإقامة مشاريع تنموية نهضوية في البلاد .
- إيجاد قضاء مستقل والحد من تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية العامة .
- إعتماد طريقة حضارية في موضوع الإنتخابات وتثبيت آليات نزيهة حتى لا تتكرر مسألة الأصوات المزورة والنتائج المفبركة ( 99% من الأصوات نالها الرئيس ) . علي حمادة - يتبع
إن قراءة أولية للتطورات المتلاحقة في الوطن العربي قد تضيف إسهاماً في توضيح الصورة واستشراف المستقبل ولتكن البداية من السودان الذي يشهد انقساماً الى دولتين واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب بعد تصويت الشعب في الإستفتاء الأخير لصالح الإنفصال ..
فما هي الأسباب التي أدّت الى هذا التطور الدرامي وما هي الأسباب الحقيقية وراء دعوات الإنفصال ؟
- سياسة الظلم والإقصاء عن الوظائف مارستها حكومة السودان الإتحادية تجاه سكان الجنوب مما أدى إلى تدني نسبة مشاركتهم في المؤسسات والإدارات والوزارات السيادية المركزية المدنية .
- انتهاك الحريات والحقوق وحرمانهم من التنمية وتطوير أوضاعهم الحياتية .
- عدم حماس حكومة الوحدة الإتحادية لمعالجة تفاقم مشكلة التنافر والتباعد الثقافي والأيديولوجي بين الشمال العربي المسلم والجنوب الأفريقي المسيحي الأمر الذي استغلته الدوائر المعادية وراحت تغذيه تحقيقاً لأهافها في تكريس الإتقسام على كل المستويات .
- تصاعد وتيرة الصراع الدموي للسيطرة على الموارد الطبيعية في البلاد : الأرض والماء والنفط .
في تونس فالتضييق على الصحافة والفكروانتهاك حقوق الإنسان ومصادرة حق الناس في التدين الحر وممارسة السياسة والتنكيل بالخصوم السياسيين وتحريم وتجريم انتقاد الحاكم بأمر الله واعتبار الناس قطيعاً من الغنم يسوقه الراعي كيفما يشاء ، إستفزشعب البوعزيزي واستثار غضبه العارم حتى انتفض وأسقط النظاح وخلع الحاكم ، وما زال أمام ثوار تونس الكثير من النضال والصبر لتطهير البلاد من ترسبات النظام البائد .
إن الإلتفاف على مطالب الشعوب بتوسيع هامش الحرية والديمقراطية والتضحية ببعض الرموزالسياسية والأمنية والإقتصادية ووقف استخدام السلاح ضد النتظاهرين وإعلان عدم النية بالترشح لولاية ثانية والإفراج عن بعض المعتثلين ثم إقالة حكومات وإجراء تحقيقات لتحديد المسؤولين عن أعمال القتل ، كلها محاولات لن تثني توار تونس عن التغيير الشامل والجذري في البلاد . ورحيل النظام لا يكفي فالشعب نزل الى الشارع وكسر حاجز الخوف والمطلوب الآن من المثقفين الثوريين التحرك سريعاً لبلورة وصياغة الأهداف
النهائية للثورة الشعبية وتطوير أساليب الحراك الشعبي وتنظيمها حفاظاً على المنجزات والمكتسبات .
هناك مخاوف حقيقية ومخاطر جدية من محاولات سرقة الثورات أو إجهاضها أو حرفها عن مسارها التغييري أو حتى ركوب موجتها . وقد يلجأ الأعداء الى دعم أطراف محددة أو تلميع صورة بعض الرموز الموالية لهم أو إثارة الفتن والإضطرابات وفرض عقوبات من قبل أطراف دولية خارجية .
أما في مصر التي ألحقت بمعسكر التحالف الأمريكي الصهيوني فقد فشلت أجهزتها الأمنية التابعة للنظام في الحد من الحراك الشعبي المتصاعد رغم بشاعة إجراءات التضييق الأمني والبوليسي القمعي و إطلاق العنان لميليشيات القتل وبلطجيات الجريمة وعصابات النهب والترويع . واستطاع الشعب المصري بكافة طوائفه وفئاته وشرائحة الإجتماعية المضي في ثورته المظفرة وأسقط النظام بكل أركانه ومرتكزاته ، وما زال ثائراً منتفضاً صابراً لا يتعجّل تحقيق المكاسب ولا يتراخى عن إنجاز المزيد من الإنتصارات . وها نحن نلمس إشارات إيجابية تعيد لمصر دورها التاريخي الريادي في قيادة الأمة وصيانة منجزاتها . ولو ألقينا الضوء على توجهات سياستها الخارجية لأمكننا تسجيل الثمرات التالية :
أما في ليبيا فدوافع الثورة فيها كانت في البداية سياسية و إقتصادية من حيث المطالبة بتعدد الأحزاب وإنشاء النقابات وتأمين الكرامة السياسية للمواطن الليبي و توفير العدالة الإجتماعية والتوزيع العادل لثروات البلاد لكن لجوء القذافي الى الميليشيات وقوات الأمن الخاصة المرؤوسة من قبل أبنائه وأفراد عشيرته وجلب مرتزقة من تشاد والصومال ونيجيريا وغانا وكينيا وتجنيد العاطلين عن العمل لمواجهة وقمع المتظاهرين بوحشية فائقة وقتل المئات من الثوار والمحتجين دفع هؤلاء ( وإن كنا لا نوافقهم على ذلك ) الى الإستعانة والإستنجاد بدول الإستعمارالغربي لإنقاذهم من إبادة محتملة . فوقع الثوارفي المحظور القاتل وهربوا
من تحت الدلفة لتحت المزراب أي هربوا من االإستبداد القذافي الى الإستعمار المباشر الطامع في تفجير حرب أهلية و تقسيم البلاد ونهب النفط الليبي . وما كان القائد عمر المختار ليفعل ذلك لو عاش هذا الزمان ويرى أحفاده ثوار حلف الأطلسي يطلبون حريتهم من أعداء الأمة وفي مقدمتهم العدو الصهيوني .
لقد خسر القذافي كل شيء بعد أن أعطى الغرب كل ما يملكه من مقومات القوة وخسر الثورجيون في ليبيا وطنهم وثرواتهم وباتوا مجرد أداة في أيدي القوى المعادية . والرابح الكبير هو العدو الصهيوني . فليخجل الثوارالتي تحوم حولهم الشبهات وليتواضع العقيد الطاغية وينزل من عليائه ،ويعودوا جميعاً الى مبادرة شافيزللجلوس على طاولة الحوار ومناقشة كل الشأن الليبي لحفظ البلد من الحرب الأهلية والتقسيم .
مخاطر تنتظر ليبيا : التطرف ، الأطماع الغربية ( عقود نفطية وتجارية مع الغرب أيام القذافي وما بعد القذافي) والصراع على السلطة ، إمكانية اندلاع معارك طاحنة بين العشائر حول السيطرة على النفط . إغتيال القائد العسكري عبد الفتاح يونس . اسرائل تؤيد " ثوار" ليبيا.
أما في السعودية فبيئتها خصبة بالإحتقان السياسةي والإقتصادي والإجتماعي : تكدس الثروات بيد الحاكم وأسرته وبطانته وزبانيته وحاشيته والمقربين منه . انحرافات أخلاقية وارتهان للغرب وضمان أمن الكيان الصهيوني.
وفي البحرين فإن حالة الإستقطاب المذهبي قد يجر الى حرب إقليمية لأن المعارضة إعتبرت التدخل العسكري لدرع الجزيرة إحتلالاً خارجياً ودعت مجلس الأمنالى التدخل لحماية المدنيين من خطر محدق بهم
فهذا التدخل هدفه إسكات الأصوات المطالبة بالحرية حتى لا تهتز الممالك في المغرب والأردن .لذلك لجأوا الى مسألة التأجيج الطائفي .
،وفي سوريا تتصاعد الإحتجاجات الشعبية في مواجهة المعالجة الأمنية القاصرة والفاشلة ويزداد عدد الشهداء لتتحرك عجلة الإصلاحات البطيئة التي تشكل فرصة يمكن الإستفادة منها لتحقيق المطالب السياسية والإجتماعية وقطع الطريق على القوى الراغبة في رؤية سوريا ضعيفة منهكة مفككة مستسلمة للمشروع الأمريكي الصهيوني . تزداد عزلة السلطة السياسية محلياً وإقليمياً ودولياً . بيان وزراء خارجية العرب : وقف إراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان واحترام حق السعب السوري في الحياة الكريمة اآمنة وتطلعاته المشروعة نحو الإصلاحات السياسية والإجتماعية .
أما في الأردن
علي حمادة