"كل بوصلة لا تتجه إلى القدس، هي بوصلة مشبوهة"
في ظل التخبط العربي والانقسام الفلسطيني والصراع على الهوية المذهبية والطائفية زمن الربيع العربي وما ترتب عن الثورات من نتائج كارثية على استقلالية القرار السيادي الوطني وأفول نجم مشروع الدولة- الأمة يبادر الكيان الغاصب بتنفيذ خطة برافر والقاضية بتهجير السكان العرب من صحراء النقب وقد يؤدي تنفيذ هذا المخطط الاجرامي الى التهديد بمصادرة أكثر 850,000 دونم من الأراضي المتبقية للسكان العرب داخل ما يسمى باسرائيل والتهديد بتهجير أكثر من 30.000 مواطن عربي وهو ما يعني التهديد بهدم ما يقارب 40 قرية غير معترف بها.
لقد وافق الكنيست على قانون برافر- بيغن في قراءته الأولى في تاريخ 26-6-2013 وهو ما يهدف الى اعادة تنظيم الوجود العربي داخل النقب حسب العدو ولكنه يعني استكمال مشروع تهويد فلسطين واستئناف الاستيطان وتوسيع المغتصبات والسيطرة على المقدسات الاسلامية والمسيحية ومحاصر الهوية الفلسطينية وجني ثمار اتفاقية أسلو للسلام الكاذب ومعاهدة وادي عربة المذلة والمفرطة في ثوابت الأمة والمفوتة في الحقوق المشروعة للسكان الأصليين.
لعل الارتباك الحاصل في الآونة الآخيرة في آداء فصائل المقاومة وجاهزيتها على الرد وقدرتها على التعبئة وتفعيل الاستثبات الشعبي والمقاومة المدنية في الداخل قد جعل السكان وبالتحديد الشباب الثائر والنساء من التحرك والاحتجاج والتظاهر ضد هذا المشروع والاشتباك مع الآلة العسكرية الهمجية بالطرق السلمية والمدنية قصد التعبير عن ادانتهم ورفضهم الشديد للتهديدات والتحرشات بهدم مساكنهم دون رغبتهم وإفراغ قراهم من سكانهم بالقوة وافتكاك أرضيهم عنوة .
ان خطة التهجير للسكان من قراهم وأرضهم تتنافى مع مبادىء حقوق الانسان وتتعارض كليا مع مبادىء حقوق الشعوب في تقرير مصيرهم وتمتعهم بما تنص عليه منظومة المواطنة القانونية.
هذه التحركات الفلسطينية من طرف السكان العزل على أهميتها وطابعها النضالي والتزامها بخط مناهضة التفريط في الحقوق إلا أنها غير كافية وغير ناجعة وتحتاج الى سند سياسي فلسطيني من قبل السلطة في رام الله أو في غزة والى دعم حقيقي عربي من قبل الجامعة العربية واهتمام إسلامي من قبل منظمة المؤتمر وتأييد دولي من قبل منظمة الأمم المتحدة لاستحقاق دفاع هؤلاء عن أنفسهم والتمسك بقراهم وأراضيهم وإسقاط الخطة باعتبارها تعتدي بشكل صارخ على حقوقهم. ما ذنب سكان النقب الذين شعروا باليتم والظلم والغربة فخرجوا يدافعون عن أنفسهم بما اوتوا من وسائل ضد الهمجية الصهيونية التي تروج التمدن والحداثة؟ ألم يصدق الشاعر الوطني السوري نزار قباني حينما قال: "ما للعروبة تبدو مثل أرملة؟ أليس في كتب التاريخ أفراح؟ والشعر ماذا سيبقى من اصالته ؟اذا تولاه نصاب ومداح؟ وكيف نكتب والأقفال في فمنا؟ وكل ثانية يأتيك سفاح؟". فمتى تعود الفصائل الفلسطينة المقاومة الى الجادة وتتوحد وتنبذ الفرقة؟ وأنا يستفيق الساسة لدينا من غفوة التطبيع والاعتراف ليتم تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتصبح المسألة الوطنية هي البوصلة التي تضبط وجهة قرار السياسي ومنطقه الداخلي؟
كاتب فلسفي