ماذا بعد إنتصار المقاومة الفلسطينية ؟
بعد ثمانية أيام من القصف الهمجي الصهيوني على أكثر من 1000 هدف في قطاع غزة ، توصل الجانبان إلى تهدئة أوقفت التراشق الصاروخي مؤقتاً لتبدأ السخونة السياسية عند ترجمة بنود " التفاهم " الذي تم بوساطة مصرية فقط وبرعاية أمريكية . وحتى لا نغرق في التفاؤل وتأخذنا نشوة الإنتصار إلى مطارح الإسترخاء السياسي والسقوط في فخ الإبتزاز عند الدخول في التطبيق العملي للتفاصيل ، وبالتالي تجويف الإنتصار ، نستطيع القول أن حصيلة الجولة الأولى يمكن تلخيصها ب :" نصف هزيمة صهيونية ونصف إنتصار فلسطيني ". لماذا نقول ذلك ؟ ببساطة لأن العدو لم يفلح في فرض شروطه الكاملة على الطرف الفلسطيني حيث كان يطالب بهدنة طويلة الأمد تمتد إلى 15 عاماً ، وبضرورة تسليم السلاح ، والتعهد بعدم تهريبه إلى القطاع ، وفشل في فرض قوة ردعه ، وعجز عن تدمير المخزون الصاروخي لدى فصائل المقاومة أو إغتيال قادتها الأمنيين والعسكريين والسياسيين كما كان يهدد قبيل وأثناء العدوان. وهذا سيكون له ارتدادات على الداخل الصهيوني نتناول تفصيلاتها في مقال لاحق .
أما الطرف الفلسطيني الذي أظهر مهارة فائقة في الرد والصمود الرائع فقد نجح في إعادة القضية الفلسطينية إلى دائرة الإهتمام الدولي والإقليمي بها بعد أن غيبتها حكومات النظام الرسمي العربي المتهاوي ، ورد كيد المعتدين إلى نحورهم . وإن لم ينجح في فك الحصار الكامل عن القطاع وفتح جميع المعابر معه ، فقد أوجد الأرضية الصالحة لتحقيق ذلك في منظور الأيام والشهور القادمة مستفيدين من الوحدة الميدانية والسياسية ( ألإنجاز الكبير التي يمكن التأسيس عليه لإنهاء الإنقسام وإتمام المصالحة الفلسطينية ) ، والنهوض الشعبي والإسلامي وتضامن أحرار وشرفاء العالم . لقت تحولت غزة خلال ثمانية أيام إلى محجًة لوفود عربية وغربية ليس حباً بالفلسطينيين ورحمة بأطفالهم التي انتشل عدد منها من تحت الأنقاض والردم ، إنما خوفاً على " إسرائيل " الغارقة في مستنقع الوحل الفلسطيني ، وحتى لا تتطور العمليات العسكرية بين الجانبين ، إلى مواجهة إقليمية لم تنضج ظروف تحمل تبعاتها بعد .
إن الإنتصار الإستراتيجي للمقاومة الفلسطينية والنجاح الملحوظ للوساطة المصرية والثناء عليها ، سيقابله بلا شك تحرك أمريكي فاعل لتمتين تمسك مصر باتفاقية كمب ديفيد كما هي دون المطالبة بإحداث تعديلات عليها ، باعتبارها حامية للأمن الصهيوني في المنطقة . وتفعيل الجهود ( زيارة كلينتون للمنطقة) للعودة إلى المفاوضات المنقطعة منذ مدة طويلة منذ أن وصل نتانياهو إلى سدة الحكم . من هنا فالمطلوب من فصائل المقاومة الفلسطينية العمل سريعاً على تركيم الإنجازات وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة مشروع المقاومة ، فقد أثبتت التجارب أن العدو لا يفهم إلا لغة العنف وأن المقاومة هي الطريق للتحرير واستعادة الحقوق ....
علي حمادة
22/11/2012