اسم البرنامج: مهمة خاصة، مقدم الحلقة: باسم الجمل، تاريخ الحلقة: الخميس 26/5/2005م

باسم الجمل: كثيراً ما تتخذ الأماكن أسماءها من أحداثٍ عابرة تقع في لحظةٍ من الزمن، وسرعان ما يطغى هذا الاسم على غيره من الأسماء الدارجة عبر السنين ويصبح هو الأساس، بينما تصبح الأسماء الدارجة هذه ثانوية، تُذكر زيادة في التعريف فقط بالاسم الجديد المتخذ.

قرية كفركِلا في جنوب لبنان يفصلها سياجٌ إلكتروني عن مستوطنة الْمَطلّة اليهودية وهو الحد الفاصل بينهما، اسمها سيرياني ويعني بيت العروس، احتلتها إسرائيل عام 1976 من القرن الماضي وتم فتح بوابة في هذا السياج الحدودي كي يعبر العمال اللبنانيون لعملهم في إسرائيل منه، أخذتْ البوابة فيما بعد اسم: بوابة فاطمة الذي كاد يطغى على اسم القرية وتعرّف القرية به، لكن كيف أخذت البوابة هذا الاسم، اسم بوابة فاطمة؟هذه بوابة فاطمة، قُصد بفتحها كي تكون بوابةً لقبول الاحتلال والتعايش معه، لكنها أصبحت اليوم قضية تشهد على اندحاره ورفضه، كيف حدث ذلك؟ ومن أسماها ببوابة فاطمة؟أخذ اسم بوابة فاطمة مداه المعروف حالياً بعد انسحاب قوات الاحتلال من الجنوب اللبناني العام 2000، فغدت البوابة محطةً يزورها الناس ليشهدوا نهاية الاحتلال من خلالها، حيث رجمها كل من زار البوابة توكيداً لرفض الاحتلال، وعند البحث عن سبب التسمية هذه تعددت الروايات والقصص لأصل التسمية.علي فواز (مدرس تاريخ): بوابة فاطمة في تلات روايات عن ما بتعرف.. هي إذا للصحيح من انسمعت البوابة إلا بهالفترة، يعني نحن كبلدنا بالذات ما كنا سامعين بالبوابة، يقال إنه بوابة فاطمة وحدة اسمها سهى عوني.. سهاد بنت علي فياض اللي بيتها بحدّ الشريط بالضبط، طلبوا منها مَيْ، جابت إلن مَيْ، قالوا لها: شو اسمك أنتِ؟ قالت لن: أنا اسمي فاطمة، قال قالت لحتى ما يعرفوهاش إنه هي سقتهن، هيدي واحدة، هي رواية، الرواية التانية إحداهن كانت في الدخان وكان في عملية وتصاوبت وفاتت لجوا صارت تعيط لبنتها: وينها فاطمة؟ وينها فاطمة؟ دلّوها، ورواية تالتة يُقال أن إحداهن كانت تتعامل مع الإسرائيليين وتعبر من هون اسمها فاطمة.باسم الجمل: التدقيق في أيٍ من هذه الروايات أكثر صدقاً قادنا إلى بيت علي فياض وابنه نديم القريب بنحو مئة متر من البوابة، يعيش نديم الأعمى ذو الأربعة وستين عاماً مع والده البالغ من العمر مئة سنين وازداد ثلاثة، هذا العمر الطويل أفقده حاسة السمع وتراهما يتبادلان الخدمة فيما بينهما، ويتقاسم كل منهما مقدرته الخاصة مع الآخر، نديم يستخدم قدرته على السمع لمصلحة أبيه، وأبوه يستخدم عيونه لتسيير حياة نديم الأعمى، كلاهما يتكئان على بعضهما البعض لتمر الحياة بعسرها، ويروي نديم قصة الجيرة مع مستوطنة المطلّة المقامة على أرض لبنانية كما يقول.هذه المستوطنة شو اسم هالمستوطنة؟نديم: هيدي المطلّة.باسم الجمل: إيمتى انبنت؟نديم: هي انبنت بالأساس قبل ما تصير دولة إسرائيل هون من أيام فلسطين، كان فيها جزء منها مملوك.. ملك يعني مش للدولة، يعني مشترينها من ناس دروز سكان، سكانها الأصليين دروز وبايعينها لليهود، في اسم منشرة يعني مدفوع حقه من الأهالي والقسم التاني مشاع للدولة، هلأ في هيدي المستعمرة التانية اللي بالتلة فوق هيدي للدولة أساساً، البيوت الجداد هودي انبنوا من شي خمس سنين بس.باسم الجمل: وسكانها الدروز وين راحوا؟ ليش راحوا؟ ليش باعوها؟نديم: باعوها حسب ما بسمع من الناس الكبار سناً، أكبر مني سناً، كان صار في مشكل هون بيننا وبين المنطقة التانية المجاورين بلبنان، صار إنوّ قاتلين واحد قاموا جماعته حملوا حالن وفلّوا لجوا، باعوا البيوت وفلّوا لقدام، هذه حسب الروايات القديمة.باسم الجمل: ليش باعوها لليهود؟ ليش ما باعوها للعرب؟ ليش ما باعوها للـ.. نديم: إجو اليهود اشتروها، لأنو اليهود كانوا عم يخططوا بدن يرجعوا على فلسطين، اليهود اشتروا، وهنّ عملوا عملية يعني كيّفوا العرب وقتها وباعوها للإسرائيلية أكيد، يعني عملية رد فعل بالنسبة للحادث اللي صاير كاين، هي البداية.باسم الجمل: وبعدين شو صار؟ كيف تطورت؟نديم: تطورت كانوا بالأول يتعاملوا مع الـ.. أيام فلسطين كانوا يتعاملوا مع اللبنانيين بشكل عادي وقت اللي صار في احتلال خلص سكروا الحدود ممنوع لجوا.باسم الجمل: بعد احتلال إسرائيل لجنوب لبنان عام 1976 من القرن الماضي تم فتح نحو خمس بوابات في السياج الأمني الذي يفصل المستوطنات الإسرائيلية عن الأراضي اللبنانية، استُخدمت هذه البوابات معبراً للعمال اللبنانيين إلى إسرائيل وللبضائع الإسرائيلية إلى الجنوب اللبناني، وقد أرادت قوات الاحتلال أن تكون هذه البوابات ترسيخاً لوجودها هناك تحت شعار الجدار الطيب الذي روجت له إسرائيل حينها لتبرير احتلالها للجنوب ولإعطائه معنىً إنساني، وكانت بوابة فاطمة البوابة الأساس من بين هذه البوابات الخمس، وعن سبب تسميتها بهذا الاسم يؤكد نديم رواية نسبة اسم البوابة إلى بنتٍ صغيرة اسمها فاطمة كانت مع والدتها في يوم من الأيام التي أصابها الجنود عام 1971 بالرصاص وهي تقطف ثمار التبغ في القرية.نديم: في وحدة انصابت سنة 1970 كانوا عمْ يقطفوا دخان صار في عملية، وهنّ عمْ يقوّسوا بشكل عشوائي رداً على العملية في وحدة إجت على شجرة زيتون مش عارفة شو في يعني، هن عم يقوّسوا انصابت المرأة، بنتها اسمها فاطمة عمْ تعيط لبنتها أخذوا الاسم من هيك، سموا البوابة بوابة فاطمة من سنة 1970، هذا السبب الأساسي يعني.باسم الجمل: أراد نديم أن يُشرك والده في التأكد من صدق الرواية، لكن الحديث لم يكن سهلاً وكان ذو شجون.أبو نديم: صار لي هون ستين سنة، صار لي ستين سنة، عمري مية وسنة، فرجيك على التذكرة؟باسم الجمل: هات شوف.. هات.أبو نديم: يا نديم.نديم: نعم.أبو نديم: عطيني الـ..نديم: شو؟أبو نديم: التذكرة.نديم: وين محطوطة؟ وين؟أبو نديم: بهديك الجاكيت.نديم: وينه يا بيّي؟أبو نديم: هات، هات.نديم: يلا امسك.أبو نديم: شيلها.نديم: بأي جيبة حاططها فرجيني؟ سنة 1903 هيدا مضبوط مش أكتر.باسم الجمل: آه الميلاد 1903 الميلاد؟ غلّبوك اليهود هون؟أبو نديم: نعم؟باسم الجمل: اليهود غلبوك إشي؟أبو نديم: إي.. إي.. مش سامع.باسم الجمل: آه مش سامع.أبو نديم: يا نديم.نديم: نعم، نعم.أبو نديم: نديم..نديم: نعم.أبو نديم: شو بدو؟نديم: عمْ يسألك هون شو بقا يصير معك؟أبو نديم: آه.نديم: عم يسألك هون شو بقا يصير هون؟أبو نديم: عمْ يسأل؟نديم: إي.. إي..أبو نديم: عن مين؟نديم: لمن كانوا محتلين هون.أبو نديم: محتلين؟نديم: إي.. إي.أبو نديم: أيّ هو؟ الجيش؟باسم الجمل: اليهود.. اليهود..نديم: عم يسألك عن اليهود يا شيخ.أبو نديم: الحكومة؟نديم: لك عن اليهود.أبو نديم: ها؟نديم: لك عمْ يسألك عن اليهود.أبو نديم: عن اليهود؟نديم: إي شو بقى يعملوا؟أبو نديم: إي.. إي.. اليهود يمرقوا ما يمرقوش، يمرقوا.. يمرقوا ما يحكوش.باسم الجمل: عندما سألته كيف عامله المحتلون أجاب بأنه يريد إعادة بناء بسطة البيت.أبو نديم: بدي أعمل لي..باسم الجمل: مين نديم؟ مش مخليك نديم؟نديم: لأ في إخوتي.أبو نديم: إي موازي هذا لهنيك.باسم الجمل: آه بدك توازيها على مستوى الشارع.أبو نديم: إي.باسم الجمل: ليش يا حجي؟ خليها هيك يا حجي.أبو نديم: أنا بدي.. أنا بدي.باسم الجمل: رغم تقدم العمر به إنه ما زال يهتم بالتعمير، وفجأة يصمت، وكأنه عاد في ذاكرته لأيامه الماضية، تخاله يعد أيام الحياة ويتذكر.
[فاصل إعلاني]

البحث عن أسباب التسمية

باسم الجمل: لم يكن الاهتداء إلى بيت فاطمة عسيراً؛ فالقرية صغيرة العدد نسبياً والكل يعرف الكل تقريباً، أُرشدنا إلى البيت ولم يكن ببعيد، بيتٌ قديمٌ ومتواضع الحجم، وهناك وجدنا والد فاطمة أبو علي ذا الاثنين وثمانين عاماً وابنته زينب التي كانت شاهدةً مع أختها فاطمة على إصابة والدتهما عام 1971 من القرن الماضي برصاص الجنود الإسرائيليين، أما الأم محور القصة فكانت قد توفيت قبل سنوات سبع، اصطحبنا أبو علي إلى مكان وقوع الحادث الذي كان قبل نحو أربعة وثلاثين عاماً وهو الحبل الذي كان يُزرع بالتبغ أما الآن فأصبح مزروعاً بأشجار الزيتون.أبو علي: هيدي الأرض زارعها دخان وإجوا البنات يقطفوها طلع رصاص من اليهود تقوّست الحرمة هونه، هربت على البيت ظلت فاطمة معها.باسم الجمل: أي وقت؟أبو علي: يعني الساعة.. الصبح الساعة شي ستة.. الصبح..باسم الجمل: بكير، إيمتى أي سنة؟أبو علي: سنة السبعين، بالسبعين ما كان في شريط وكانت فيها دخان كثير شي أربعمئة دونم يجيني، كان عندي ست دونمات أنا، والصبح الساعة ثلاثة اثنتين يروحوا يشيلوا الدخان، عندي شقفة أرض هون راحوا بنتين عندي ومرتي عمْ يقطفوا دخان، إلن بالعادة الفلسطينيين يجوا يضربوا قذيفة من هون، الظاهر إجت قذيفة من وين؟ من وين إجت؟ ما بعرف، دار الرش من إسرائيل على هالدخان صارت توه العالم، بنجي شو سوّت مرتي.. هيّ هربت إجت لعندي قالت لي: يا بيّي أمي تصاوبت، لك أختك وينها؟ قالت: بعدها عند أمي اسمها فاطمة، بتعرف أهل البلد، قامت القيامة، رحنا لنجيب هالمرأة، رحنا لهونيك لقيناها ماخدينها اليهود، بعدين يعني قايمينها على المجنزرة بعد اسمها هي المجنزرة، قالت لي: أنا بدي روح معكن، ارجعي يا فاطمة، أنا صرت عيط: يا فاطمة، قالت لي: بدي روح مع أمي، قالوا لها: ارجعي يا فاطمة، ارجعي ما تخافي، نحن مناخدها منحكّمها، أول امرأة عدّت على إسرائيل.باسم الجمل: زينب أخت فاطمة الأكبر كانت برفقة والدتها وقت وقوع الإصابة حيث أسرعت إلى القرية لطلب النجدة في ذاك اليوم.زينب: كنت أنا وأمي وأختي عم نقطف دخان هون، شوي عملوا عملية طلت علينا اليهود وقوّست وصارت ترش علينا، ضلت أمي وأختي وأنا هربت، أمي تصاوبت..باسم الجمل: أختك وين كانت؟زينب: أختي كانت تحت هي الزيتونة هي وأمي، صاوبتن إسرائيل أنا هربت، دشّرت أمي وأختي تحت الزيتونة وهربت أنا، رحت بدي دب الصوت على بيّي إنوّ يجوا ياخدوا أمي، رحت قلت له وإجو بدن ياخدوا أمي ما لقوهاش، إجت المجنزرة نزلت حمّلتها أخذتها حملت حالها وراحت، رجعت أنا وبيّي وأختي لحتى نشوف وين صار؟ قامت أختي طلعت لفوق..باسم الجمل: مين هي أختك؟زينب: أختي فاطمة، صارت تعيط هي.. بيّي صار يعيط: يا فاطمة تعي ارجعي، قالوا لها: تعي يا فاطمة ما تخافي، قالتلن: بدي أعرف أمي وين، وين أخدتوها؟ قالوا لها: أخذناها على تل أبيب..أبو علي: على صفد.زينب: على صفد، أخذوها على صفد يحكّموها، بكرة عشرين يوم.. واحد وعشرين يوم منسلمكن ياها.

فاطمة: ما زالت شاهدةً على العصر

باسم الجمل: منذ ذلك اليوم اشتُهرت البوابة باسم: بوابة فاطمة، ولكن أين فاطمة؟ الشاهد الرئيس على هذا التاريخ الذي كاد اسمها يصبغ كل المكان به وأصبح رمزاً لنهاية مرحلة الاحتلال وبداية مرحلة التحرير في جنوب لبنان، فاطمة التي كانت صبية في مقتبل العمر وقت الحادث أصبحت اليوم أماً لثلاث بنات تسكن بيروت وتعمل فيها، وبين الفينة والأخرى تزور والدها وأختها، احتاجنا الأمر إلى بضعة أيام للوصول إليها ومن ثم إقناعها كي تقول ما شاهدت.فاطمة: جينا الساعة خمسة عمْ نقطف دخان أنا وأمي وأختي، شوي طلع قذائف.. طلع انفجار، ما عرفنا من وين؟ جينا تخبينا أنا وأمي هون..باسم الجمل: تحت هيدي الشجرة.فاطمة: تحت هيدي الشجرة، قعدت أختي شوي معنا وهربت، دار الرصاص، قعدنا أنا وأمي، نطرنا شوي لهدي الرصاص، قمنا بدنا ننسحب ما قدرنا ننسحب ظلينا تحت ولاّ شوي سمعنا يهود إجو.. الجيش إجا من هون وعطوني إنذار واحد اثنين ثلاثة ظلوا يعدوا من الواحد للعشرة، واحد يقول له: ارجع، وواحد يقول له: لأ قدّم، واحد يقول له: ارجع، يقول له: لأ بدي قدّم، شوي لمن خلص الإنذار طرقوا الرصاص، حضنتني أمي بحرجها، طلع الرصاص ضربوها بخاصرتها، أول ضربة وتاني ضربة بكتفها، فزيت أنا، كان العسكري قدامي قال لي: ارفعي إيديك، قمت رفعت إيدي وقلت له: صوبتوا أمي، طخيت على ركبة ونصف قدامه، قلت له: روح جيب سيارة؟ قال لي: روحي جيبي سيارة وتعي، رحت ما كان حدا يجي..باسم الجمل: كان يحكي بالعربي؟فاطمة: إي، كان ما حدا يجي معي، إجيت لقيت الدبابات والجيش كلها موجودة هون بشقفة الأرض، تطلعت على أمي ما لقيتها، كانوا أهلي لاحقيني بيّي وأهل البلد لاحقيني، هلأ بدي أطلع أنا أسأل عن أمي، بيّي يقول لي: يا فاطمة ارجعي، والعسكري يقول لي: تعي يا فاطمة، بيّي يقول لي: ارجعي، والعسكري يقول لي: تعي يا فاطمة، طلعت أنا وزلمة ختيار قلت له: وين أمي؟ بدي روح لعند أمي، قال لي: أمك صارت بالمستشفى..باسم الجمل: وين طلعتي؟ بهذا الشارع؟فاطمة: قال لي: أمك طلعت عالمستشفى وبعد 18 يوم بتجي، إي، قلت له: خدني لعندها، قال لي: لأ، روحي على البيت وبعد 18 يوم بتجي، رجعنا وهيدا اللي صار.باسم الجمل: رغم اعتياد أبو علي وابنتاه على العيش مع ذكرى قصة جرح زوجته يقول إنه كلما قدم إلى الحقل يستظل بظل شجرة الزيتون هذه حيث حاولت زوجته وقت إصابتها الاختباء وراء نفس الشجرة قبل نحو 34 عاماً علّ ذلك يحميها رصاص الجنود.قولك هيدي الزيتونة أديش عمرها يا حجي؟ هي الزيتونة؟أبو علي: مية سنة.باسم الجمل: مية سنة، مين زرعها؟ جدك؟أبو علي: ما حدا عارف مين زرعها هي، من أيام الأتراك، في حدا عارف مين زارعها هونه؟ أرض جافة كانت..باسم الجمل: طيب أنت بعد ما تصاوبت الحجة قررت تزرع زيتون، بعد ما تصاوبت؟أبو علي: بعد ما تصاوبت.. إي.باسم الجمل: ليش طيب؟أبو علي: شوف ما عاد في عندي دخان، وما عاد في حدا يضب لي دخان يعني، زرعت الزيتون، ولادي راحوا على المدرسة، وبنتي جوّزتها وما عاد في عندي الـ..باسم الجمل: الحجة زمان توفت الحجة الله يرحمها؟أبو علي: يعني صار لها سبع سنين.باسم الجمل: سبع سنين، يعني لحّقت الزيتونات.أبو علي: إي لحقتن.باسم الجمل: طيب أنت لما تيجي هون وتشوف وين المكان اللي انجرحت فيه الحجة..أبو علي: بتذكر يعني شو، عمْ قول: يا حرام تعبت هون، تعبت هيّ كمان بقت تسقين وتنكشن وكل شي، تعبت مبلى.باسم الجمل: طيب لمن أخذوها اليهود ما حاولتش تروح معها أنت؟أبو علي: لا أعوذ بالله، بخلونيش ذاتاً بخلونيش، أخذوها وراحوا، تاني يوم وتالت يوم إجا الصليب الأحمر طمأنا عنها وكل يومين تلاتة يجوا يطمنونا.باسم الجمل: أديش كان عمرها وقتها الحجة؟أبو علي: يعني تقريباً شي خمسين سنة.باسم الجمل: توفت كان عمرها خمسين سنة، الإصابة كانت قوية؟أبو علي: يعني في رصاصتين هون كانوا.باسم الجمل: عمْ تتذكرها للحجة؟أبو علي: يعني شو طبعاً الواحد بيتذكرش رِبِي هو وإياها.باسم الجمل: أربعة وثلاثون عاماً مضت منذ وقع المصاب، أشياءٌ كثيرة تبدلت وتبدل معها الأشخاص والأحوال، غابت الزوجة عن الحياة وغاب الاحتلال أيضاً عن كفركِلا، وبدل أن تكون البوابة طريق الوصل مع الاحتلال أصبحت رمز الخلاص منه، وهذا الترميز استُعيض عنه بهذا النصب التذكاري يأتي الناس هنا لرجمه كباراً وصغاراً تعبيراً عن رجمهم للاحتلال وظلمه، ولهذا أصبحت بوابة فاطمة شاهداً على ظلم الاحتلال وعلى رحيله في آن واحد.

----------------------

بوابة فاطمة

تقدمة حسين يحيى .

“بوابة فاطمة”، اسم اقترن ببلدة كفركلا، هذه البلدة الجنوبية الحدودية الملاصقة للشريط الشائك، دخلت التاريخ من أبوابه العريضة، فعانت الكثير من الحرمان والإهمال خلال عقود من الزمن، تعرضت لمخاطر كبيرة ما زالت حتى اليوم نظراً لموقعها الجغرافي الملاصق للحدود الدولية التي تفصلها عن الأراضي الفلسطينية المحتلة·

الطريق العام يفصلها عن مواقع العدو الممتدة على طول الطريق الذي يربط مستعمرتي المطلة ومسكاف عام، هذا الموقع جعل الحياة فيها صعبة وخطرة وأشبه بالمستحيل، ناهيك عن الحرمان المزمن عانته خلال فترة الحكم اللبناني قبل التحرير، فهي ما زالت تعاني من مخاطر ومشقات وضيق العيش فيها، فكانت منذ زمن بعيد مقبرة لجنود العدو الصهيوني في العام 1948 ، الذي حاول اجتياحها في تلك الفترة، وعاود الكرة في العامين 1975 و 1976، وأكبر دليل على همجية العدو “بوابة فاطمة” الشاهد الكبير على مأساة أهاليها، فهذه البوابة التي أصبحت من الأماكن السياحية في لبنان بعيد التحرير، تحمل الكثير من معاناة أبناء كفركلا·

المحطة الثالثة لـ “لـــواء صيدا والجنوب” – الذي يفتح ملف البلديات في المنطقة المحررة بعد مرور عامين ونيف على الإنتخابات، كانت في بلدة كفركلا، التي تعاني من مشاكل كبيرة في البنية التحتية تستدعي المعالجة السريعة حسبما أكده لنا رئيس البلدية أحمد فقيه·

تسمية “بوابة فاطمة”

كانت “بوابة فاطمة” بالأساس وقبل وجود الكيان الإسرائيلي المعبر ما بين لبنان وفلسطين، وعندما جاء الاحتلال الإسرائيلي، بدأ الشباب المناضلون بالقيام بعمليات نضالية، وكان يساعدهم بعض الفتيات ،وفي احدى العمليات جاءت احدى النساء ومعها ابنتها الصغيرة فاطمة، وعندما وصلت إلى المنطقة وقعت معركة عنيفة وخلال المعركة فقدت المرأة ابنتها التي لم يتجاوز عمرها السنتين، وبدأت تبحث عنها وسط الرصاص وتصرخ: فاطمة ·· فاطمة، إلى أن أصيبت ولم تهتد إلى فاطمة·