الفقير لا جنسية له
الفقير هو المحتاج والغني هو المستغني عن الحاجة لغيره ، نفهم هذا من قوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " ( فاطر : 15) فالله تعالى هو وحده الغني الذي لا يحتاج إلى أحد ويحتاج إليه كل أحد . فكلنا فقير إلى الله أي محتاج إليه
إذن فالفقير معناه في القرآن هو المحتاج من الناس ، وموسى عليه السلام حين وصل إلى مدين هاربا لا يملك شيئا استلقى إلى جانب شجرة ودعا ربه قائلا " رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ " ( القصص :24 ) يعني محتاج إلى أي خير ترزقني به .
وليس في امكان البشر توزيع الرزق ، ولا يستطيع كل إنسان تحقيق أمنيته ليصبح اغني رجل في العالم ، وإلا ما كان هناك فقير في الدنيا كلنا يتمني أن يحصل على أكبر قدر من الثروة ، ولكن الثروة كالسراب يتنقل من هذا إلى ذاك ، وليس بإمكان مخلوق أن يضمن الثراء لنفسه أو للآخرين ، لأن توزيع الرزق بيد المولى تعالى ، وهو الذي شاء أن يختبر الناس بذلك التفاوت في الرزق " وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ : النحل: 71 " فالله يختبرنا بالثروة إذا أعطاها لنا وحين ينزعها منا وحين يحرمنا إياها .
والله تعالى ضمن الرزق لكل دابة في الأرض " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا : هود : 6 " وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ" العنكبوت :60 . وكل إنسان هو سبب الرزق لأخيه الإنسان ، صاحب العمل هو سبب في رزق العمال ، ورزق صاحب العمل متوقف على عمل العمال ، والأب سبب في رزق أولاده ، والأولاد سبب في رزق أبيهم ، لذلك يقول تعالى في النهي عن قتل الأبناء مخافة الرزق "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ : الأنعام 151" . ويقول " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ : الإسراء :31 " .قال للآباء عن الأولاد " نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ " و" نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ " فرزق الأولاد متوقف على الآباء ورزق الآباء متوقف على الأبناء والفضل لله وحده وهو الرزاق المتين .
وكذلك أيضا فالفقير المحتاج جعل الله له حقا في مال الغني ليختبر ذلك الغني ، وإذا أعطى الفقير حقه أوسع الله له في الرزق ، فرزق الفقير في جيب الغني ، ورزق الغني يتوقف على الفقير يقول تعالى " قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ :سبأ 39 " .
وتوزيع الرزق من الله لا يرتبط بالإيمان أو الصلاح ، وإبراهيم عليه السلام حين دعا ربه أن يرزق نسله حول الحرم قال " رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ " أي قصر دعوته بالرزق على المؤمنين فقط ولكن الله قال " قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.. البقرة 126."
فالرزق في الدنيا من الله للجميع ، ولكن الجنة في الآخرة لمن يسعى سعيها وهو مؤمن .
وهكذا فإن إعطاء المحتاج الفقير حقه المفروض لا يتوقف على إيمانه أو صلاحه ، فالذي يعطي الصدقة لفقير ليس مسئولا عن هدايته ، وإنما هو مسئول أمام الله عن إعطائه حقه في الصدقة ، وهو أن أعطي الفقير حقه فقد أرضى به , يقول تعالى " لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ . البقرة 271 " .
فليس عليك هداية الفقير فالهداية من الله , ولكن الذي عليك أن تعطيه حقه في مالك .
والمسلم يدفع الزكاة الرسمية ولها مستحقون معينون أوضحتهم آية الصدقة " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ . التوبة : 60 " . فالذين يستحقون الصدقة الرسمية أصناف ثمانية هم : الفقراء , المساكين , جامعو الصدقات والزكاة , . والذين تستميلهم الدولة ، وعتق الرقيق والذي يغرم ماله في ضمان مدين معسر ، وابن السبيل الغريب , ثم في الجهاد في سبيل الله ، وفيما عدا المجاهدين في سبيل الله الذين لابد أن يكونوا بالضرورة مسلمين فإن الأصناف السبعة السابقين لا يشترط أن يكونوا مسلمين . فالفقير له حق في الصدقة الرسمية بغض النظر عن دينه مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو ملحدا .. وكذلك المسكين وابن السبيل إلى أخر الأصناف السبعة .
والمسلم إلى جانب الزكاة يدفع صدقة تطوعية وهو يجعل لها قدرا معلوما من دخله , فإذا سأله سائل محتاج أعطاه ، وبالزكاة الرسمية والصدقة الفردية تغطي الصدقة والزكاة احتياجات الفقراء يقول تعالى " وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . الزاريات 19 ." وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . المعارج 24 : 25 " .
فالمسلم قلبه لله إذا رأى محروما لا يسأل عن دينه ومعتقده وصلاحه وإنما يبادر بإعطاء ذلك المحروم حقه الذي فرضه الله له في مال المسلم والمؤمن حق الإيمان إذا سأله محتاج لا يستجوبه في دينه أو مذهبه ولا يأخذه بسلوكه ليتخذ من ذلك حجة في حرمانه من حقه المعلوم الذي أوجبه الله .
إن المحروم لا جنسية له .. والفقير له حقه في مال الله الذي أعطاه للأغنياء وينبغي أن يأخذ حقه بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه , فيكفي أنه فقير ليأخذ حقه .
لم يرد في القرآن مطلقا اشتراط أن يكون الفقير مسلما أو مهتديا ليستحق الصدقة , بل نهى رب العزة عن ربط الهداية بإعطاء الصدقة فقال " لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ " .
وحتى في عتق الرقيق لم يشترط أن يكون الرقيق مؤمنا إلا في حالة واحدة : إذا كان القتيل مؤمنا فعلى القاتل الذي اخطأ أن يدفع دية المقتول المؤمن وان يحرر رقبة مؤمنة " وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ . النساء : 92 " ، والمؤمن هنا ليس بالايمان القلبى ، ولكن بالايمان السلوكى بمعنى ان يكون مسالما مامون الجانب ، على نحو ما سبق شرحه فى معنى الاسلام والايمان الظاهرى و القلبى .
وفي حالة التزويج فقط رغب القرآن في تزويج الفقراء الصالحين الأبرار ووعد بأن يوسع في رزقهم " وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ . النور : 32 " وهو ترغيب للفقراء من ذكور وإناث في أن يكونوا صالحين ليثق بهم من يريد تزويجهم أو الزواج منهم ثم هو ترغيب للجميع بالتوسعة في الرزق .
-------------------------------------------------------بقلم : احمد صبحى منصور
من هو الغني و من هو الفقير؟؟؟:
في يوم من الأيام
كان هناك رجل ثري جدا أخذ ابنه في رحلة إلى بلد فقير ، ليري ابنه كيف يعيش الفقراء
لقد أمضوا أياما وليالي في مزرعة تعيش فيها أسرة فقير...
في طريق العودة من الرحلة سأل الأب ابنه:كيف كانت الرحلة ؟
قال الابن : كانت الرحلة ممتازة.
قال الأب : هل رأيت كيف يعيش الفقراء؟
قال الابن: نعم
قال الاب: إذا أخبرني ماذا تعلمت من هذه الرحلة ؟
قال الابن :-
...لقد رأيت أننا نملك كلبا واحدا ، وهم (الفقراء) يملكون أربعة.
...ونحن لدينا بركة ماء في وسط حديقتنا ، وهم لديهم جدول ليس له نهاية.
... لقد جلبنا الفوانيس لنضيء حديقتنا ، وهم لديهم النجوم تتلألأ في السماء.
...باحة بيتنا تنتهي عند الحديقة الأمامية ، ولهم امتداد الأفق.
...لدينا مساحة صغيرة نعيش عليها ، وعندهم مساحات تتجاوز تلك الحقول.
... لدينا خدم يقومون على خدمتنا ،وهم يقومون بخدمة بعضهم البعض .
...نحن نشتري طعامنا ، وهم يأكلون ما يزرعون.
...نحن نملك جدراناً عالية لكي تحمينا ، وهم يملكون أصدقاء يحمونهم.
كان والد الطفل صامتا ...
عندها أردف الطفل قائلا :
شكرا لك يا أبي لأنك أريتني كيف أننا فقراء...
ألا تعتبرها نظرة رائعة؟
تجعلك ممتنا ، أن تشكر الله تعالى على كل ما أعطاك ، بدلا من التفكير والقلق فيما لا تملك...
أعرف قدر كل شيء تملكه
-----------------------------------------------------
هذة رسالة الي " الفقير الصابر " في زمن ضاقت فيه سبل المعيشة على الناس، وكثرت الشكوى مما نزل بهم من البأس، وأوشك أن يصيب بعضهم اليأس.
فهذا الحديث عن الفقير الصابر الذي شعاره قول الله - تعالى -: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}.
وكما قال بعض السلف: "لي أربعة نسوة، وتسعة من الولد، ما طمع الشيطان أن يوسوس لي في أرزاقهم ".
وشعار هذه الأسرة الفقيرة الصابرة قوله - تعالى -: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا}.
تقول الزوجة لزوجها إذا خرج يطلب الرزق لهم: " يا أبا فلان اتق الله فينا، واطلب لنا رزقاً حلالاً؛ فإننا نصبر على الجوع ولا نطيق صبراً على نار جهنم ".
وشباب هذا البيت شعارهم قوله الله - تعالى -: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} [النور: 33].
وقدوة هذا الفقير الصابر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد جاء في مسند الإمام أحمد - رحمه الله - عن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول الله وهو على سرير مضطجع مرمل بشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه، ودخل عمر فانحرف رسول الله انحرافة، فلم يرى عمر بين جنبيه وبين الشريط ثوباً وقد أثّر الشريط بجنب رسول الله، فبكى عمر، فقال الرسول: ما يبكيك يا عمر؟ قال: والله أني أعلم أنك أكرم على الله من كسرى وقيصر، وهما يعبثان بالدنيا فيما يعبثان، وأنت رسول الله بالمكان الذي أرى! فقال رسول الله: إنهم عجلت طيباتهم في حياتهم الدنيا، فكان عمر بعد ذلك إذا كلم أن يمتع نفسه بشيء من الدنيا، يقول: أخشى أن يقال لنا: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا}.
إلى هذا الفقير الصابر هذه الوصايا:
الوصية الأولى: اطلب الرزق بعزة نفس
عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تستبطئوا الرزق؛ فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه آخر رزق هو له فأجملوا في الطلب)صححه ابن حبان، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
لا تطلبن معيشة بمــذلة **** وارفع بنفسك عن دني المطلب
وإذا افتقرت فداو فقرك بالغنى **** عن كل ذي دنس كجلد الأجرب
فليرجعن إليك رزقك كله **** لو كان أبعد من محل الكوكب
ومما ينسب للإمام الشافعي - رحمه الله - شعراً قوله:
لقلع ضرس وضرب حبس **** ونزع نفس ورد أمس
وقر برد وقود فرد **** ودبغ جلد بغير شمس
وأكل ضب وصيد دب **** وصرف حب بارض خرس
ونفخ نار ودفع عار **** وبيع دار بربع فلس
وبيع خف وعدم إلف **** وضرب ألف بحبل قلس
أهون من وقفة الحر **** يرجو نوالاً بباب نحس
وقف أحد الباشوات - ممن كانت له هيبة في قلوب الناس - على حلقة علم لعالم جليل من علماء الشام - يقال له الحلبي - وكان هذا لعالم قد مدّ رجله أثناء الدرس لألمٍ كان بها، فلما وقف هذا الباشا ظن أن هذا العالم سيقوم له، فما قام هذا لعالم، ولاضمّ رجله، بل أبقاها كما هي ممدودة، فغضب الباشا وانصرف، فلما سكن غضبه هداه تفكيره أن يرسل لهذا العالم أموالاً يتألفه بها، فجاء رسول الباشا بهذه الأموال فوضعها بين يدي العالم، فقال له: ما هذه؟ فقال: أرسلها لك الباشا؛ لتستعين به على حوائجك، فقال العالم: لا حاجة لي فيها! ارجع وقل للباشا: إن الذي يمدّ رجله لا يمدّ يديه.
الوصية الثانية: احذر أن يحملك استبطاء الرزق أن تطلبه من حرام:
وخصوصا أننا في زمن كثرت فيه وسائل الكسب المحرم، وقلّ سؤال الناس عن الحلال والحرام.. كان بعض السلف في ضيق من معيشته، وقد بلغ من الكِبر عتياً، فعرض عليه منصب رفيع، ولكن فيه شبة مكسب من حرام فرفض، فعلم أهله بذلك فراجعوه فقال: إن مثلي ومثلكم كمثل ق
-------------------------------------
الفقير
رقم القصيدة : 66212 |
نوع القصيدة : فصحى |
ملف صوتي: لا يوجد |
همّ ألم به مع الظلماء |
فنأى بمقلته عن الاغفاء |
نفس أقام الحزن بين ضلوعه |
والحزن نار غير ذات ضياء |
يرعى نجوم الليل ليس به هوى |
ويخاله كلفا بهنّ الرائي |
في قلبه نار (الخليل) وانما |
في وجنتيه أدمع (الخنساء) |
قد عضة اليأس الشديد بنابه |
في نفسه والجوع في الاحشاء |
يبكي بكاء الطفل فارق أمه |
ما حيلة المحزون غير بكاء! |
فأقام حلس الدار وهو كأنه |
-لخلو تلك الدار_ في بيداء |
حيران لا يدري أيقتل نفسه |
عمدا فيخلص من أذى الدنياء |
أم يستمر على الغضاضة والقذى |
والعيش لا يحلو مع الضراء |
طرد الكرى وأقام يشكو ليله |
يا ليل طلت وطال فيك عنائي |
يا ليل قد أغريت جسمي بالضنا |
حتى ليؤلم فقده أعضائي |
ورميتني يا ليل بالهم الذي |
يفري الحشا، والهم أعسر داء |
يا ليل مالك لا ترق لحالتي |
أتراك والأيام من أعدائي؟ |
يا ليل حسبي ما لقيت من الشقا |
رحماك لست بصخرة صماء |
بن يا ظلام عن العيون فربّما |
طلع الصباح وكان فيه عزائي |
وارحمتا للبائسين فانهم |
موتى وتحسبهم من الاحياء |
إني وجدت حظوظهم مسودّة |
فكأنما قدت من الظلماء |
ابدأ يسر الزمان ومالهم |
حظ كغيرهم من السرّاء |
ما في أكفهم من الدنيا سوى |
ان يكثروا الأحلام بالنعماء |
تدنو بهم آمالهم نحو الهنا |
هيهات يدنو بالخيال النائي |
ابطر الأنام من السرور وعندهم |
ان السرور مرادف العنقاء |
إني لاحزن ان تكون نفوسهم |
غرض الخطوب وعرضة الارزاء |
أنا ما وقفت لكي اشبب بالطلا |
مالي وللتشبب بالصهباء؟ |
لا تسألوني المدح أو وصف الدمى |
إني نبذت سفاسف الشعراء |
باعوا لأجل المال ماء حيائهم |
مدحا وبت أصون ماء حيائي |
لم يفهموا ما الشعر؛ إلا انه |
قد بات واسطة إلى الاثراء |
فلذاك ما لاقيت غير مشبب |
بالغانيات وطالب لعطاء |
ضاقت به الدنيا الرحيبة فانثنى |
بالشعر يستجدي بني حواء |
شقي القريض بهم وما سعدوا به |
لولاهم اضحى من السعداء |
نادوا علينا بالمحبة والهوى |
وصدورهم طبعت على البغضاء |
ألفوا الرياء فصار من عادتهم |
لعن المهيمن شخص كل مرائي! |
إن يغضبوا مما أقول فطالما |
كره الأديب جماعة الغوغاء |
أو ينكروا أدبي فلا تتعجبوا |
فالرمد طلوع ذكاء |
أو كلما نصر الحقيقة فاضل |
قامت عليه قيامة السفهاء |
أنا ما وقفت اليوم فيكم موقفي |
إلا لأنذب حالة التعساء |
عليّ احرّك بالقريض قلوبكم |
ان القلوب مواطن الاهواء |
لهفي على المحتاج بين ربوعكم |
يمسي و يصبح وهو قيد شقاء |
امسى سواء ليله وصباحه |
شتان بين الصبح والامساء |
قطع القنوط عليه خيط رجائه |
والمرء لا يحيا بغير رجاء |
لهفي! ولو أجدى التعيس تلهفي |
لسفكت دمعي عنده ودمائي |
قل للغني المستعز بماله |
مهلا لقد اسرفت في الخيلاء |
جبل الفقير أخوك من طين ومن |
ماء، ومن طين جبلت وماء |
فمن القساوة ان تكون منعما |
ويكون رهن مصائب وبلاء |
وتظل ترفل بالحرير أمامه |
في حين قد امسى بغير كساء |
اتضن بالدينار في اسعافه |
وتجود بالآلاف في الفحشاء |
انصر أخاك فان فعلت كفيته |
ذلّ السؤال ومنة البخلاء |
أذوي اليسار وما اليسار بنافع |
إن لم يكن أهلوه أهل سخاء |
كم ذا الجحود ومالكم رهن البلا |
وبم الغرور وكلكم لفناء؟ |
ان الضعيف بحاجة لنضاركم |
لا تقعدوا عن نصرة الضعفاء |
انا لا اذكّر منكم أهل الندى |
ليس الصحيح بحاجة لدواء |
ان كانت الفقراء لا تجزيكم |
فاللّه يجزيكم عن الفقراء |
---------------------------
الفقر ليس عيبا، ولا يعني أن ولد الإنسان فقيرا أن يهان .. خاصة . والفقر من المعضلات الاجتماعية ومن الكوارث. والرسول صلي الله علي وسلم وصانا بالإحسان في التعامل مع الفقراء والمحتاجين.
إن الرسول صلى الله علية وسلم كان يتعامل مع خادمه أنس بن مالك ومع كل الفقراء والمحتاجين في أدب شديد حسب تعاليم الإسلام وأخلاقه الحميدة.
وقال أنس في ذلك " لقد عشت مع الرسول 10 سنوات لم يقل لي أفعل هذا أو لما فعلت هذا"، كما قام الرسول عليه السلام في إحدى المرات بإرسال -زيد بن حارثه الذي تبناه - لشراء أحد الأغراض له، إلا أن زيد تأخر. فما كان من رسول الله إلا أن نزل بنفسه ليطمئن عليه، فوجده يلعب وأضع الأموال فقال له الرسول "أتم لعبك وتعالي، وقام بمعاقبته ولكن بأدب دون أن يجرح كرامته".
من أذل مؤمنا أذله الله
عن النـبي (صلي الله عليه وسلم) قــال : أذَلّ الناس من أهان الناس"، و"من أذلّ مؤمنا أذلّه الله" .
أن هذه هي معاملة الرسول صلي الله عليه وسلم لخادميه والفقراء، لذلك يجب علينا كمسلمين وموحدين أن نقتدي بسنة النبي في التعامل مع الفقراء، والمحتاجين، وهم كثيرون في عالمنا الحالي.
و الرسول صلي الله عليه وسلم كان دائم السؤال عن المحتاجين والفقراء، وإذا لم يحضر أحدهم لطلب طعام أو غيره يسأل عنه، فضلا عن أنه عندما يعلم أن فقيرا توفي كان يذهب إلى قبره ويزوره. وقال صلى الله عليه وسلم"هل تُرزقون إلا بضعفائكم؟"
و قال صلى الله عليه وسلم : "سباب المؤمن فسوق ، وقتاله كفر ، وأكل لحمه من معصية الله"، و"من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها .. أخافَه الله عزّ وجلّ يوم لاظلّ إلاّ ظلـه".
لذا يجب على المسلمين اتقاء الله في الضعفاء والمحتاجين، لأن هذا الأمر من شأنه أن يشفي القلوب ويبعد الأحقاد، وبالتالي لن ينظر أحد لما في يد غيره، بالإضافة إلى الحد من السرقات لدافع الكره والحقد.
الفقر عند الحكماء
وتناول الحكماء في كل زمان الفقر والفقراء وأجمعوا على أن "الفقر رأس كل بلاء"، حيث قال لقمان لابنه "يا بني أكلت الحنظل وذقت الصبر فلما أري شيئا أمر من الفقر فإذا افتقرت فلا تحدث به الناس كي لا ينتقصونك، ولكن اسأل الله تعالي من فضله، فمن ذا الذي سأل الله ولم يعطه من فضله أو دعاء فلم يجب".
وقال ابن الأحنف في الفقر :
يمشي الفقير وكل شيء ضده....والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضا وليس بمــذنب....ويرى العداوة لايرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثــروة....خضعت لديه وحركة أذنابها
وإذا رأت يومــا فقـــــيرا عابرا....نبــحت عليه وكشرت أنيابها
وقال أحد الشعراء في الفقر
إن الدراهم في الأماكن كلها ***تكسو الرجال مهابه وجمالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة ***وهي السلاح لمن أراد قتالا
------------------------------------------
ألا قد عضني الفقر وأمثالي هــــنا كـُثــُرُ
فلا أمل يدغدغنـــي ولا حلم له فجــــرُ
فيومي يا أخي عَِسر وعيشي كله مُـــــــرّ
معاشي ليس يكفيني وجيبي قعره صــــفر
وأصبح في مصارعة ففقري في فمي كفر
وأبحث عن جنى رزق لنا حصنٌ لنا سِـتر
أنا المقهور يا قومي فقير هدَّه الفقــــــر
فلا لحم ولا بيــض فزادي دائما قـَتـْرُ
وأكلي جلُّه فـــــولٌ فلافلُ مالنا غَــيـْرُ
وخبز بلَّه شــــــايٌ فلا جبن له ذكــــر
ولا زيتونة ٌخضـرا ولا زُبد ولا تمر
وأولادي يخدِّرهــم شواء ريحه عطر
وفروج على سيـخ إناهُ الفحم والجمر
تشوبه حمرة خجلى كأن أديمه التـبـْر
أنا يا قوم مــحروم وغيري أكله وفر
له الدنيا وما فيها له الجنات والقصر
وذو كفَل ككثبان وكرش طول متر
وعامرة موائده بأطعمة لها ســــحر
ففاكهة منوعـــة وحلوى لمسها سكر
وما تهواه من لحم صنوف مالها حصر
لعمري هذه بلوى تعهد نارها الدهــر
فأحرق كل أشرعتي فكيف لمثلنا الصبـر
------------------------------------
حكى ان رجلآ جلس يوما يأكل هو وزوجته وبين ايديهما دجاجه مشويه فوقف سائل ببابه فخرج اليه وانتهرة وطردة . ودارت الايام وافتقر هذا الرجل وزالت نعمته حتى انه طلق زوجته . وتزوجت من بعده برجل آخر فجلس يأكل معها فى يوم من الايام وبين ايديهما دجاجه مشويه واذا بسائل يطرق الباب فقال الرجل لزوجته : ادفعى اليه هذة الدجاجه, فخرجت بها اليه فاذا به زوجها الاول فأعطته الدجاجه ورجعت وهى تبكى الى زوجها فسألها عن بكائها فأخبرته ان السائل كان زوجها وذكرت له قصتها مع ذلك السائل الذى انتهرة زوجها الاول وطرده , فقال لها زوجها : ومم تعجبين وانا والله السائل الاول.