القرار ... المؤامرة
بادىء ذي بدء لا بد من الإشارة إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 1860 جاء بعد تكرار التفشيل المتعمّد لجهود إستصدار قرار دولي يوقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني. ومع ذلك نسجّل الملاحظات التالية:
1) نفاذ الفرص التي منحها المجتمع الدولي لقادة الكيان الصهيوني لتحقيق أهداف الهجمة البربرية بعد الصمود الإعجازي الرائع للشعب الفلسطيني وفصائله المقاومه، وتصاعد الحراك الشعبي العالمي الذي عدّل قليلاً في الرأي العام، والخسائر الجسيمة في صفوف الجيش الصهيوني رغم التعتيم الصارم والرقابة الشديدة على وسائل الإعلام. هذه العوامل مجتمعة فرضت على أطراف المعسكر المُعادي التراجع المحدود وتمرير إصدار قرار دولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار يفضي إلى الإنسحاب الصهيوني من قطاع غزة.
2) بروز التناغم الواضح بين القرار الدولي وموقف محور "الإعتدال العربي" من خلال تبنّي بعض بنود المبادرة المصرية الفرنسية التي تكافىء العدو على عدوانه ولا تستجيب للحد الأدنى للمطالب الفلسطينية القاضية بوقف العدوان وإنسحاب القوات الصهيونية ورفع الحصار وفتح جميع المعابر وفي مقدّمتها معبر رفح.
3) يساوي القرار بين العدو الصهيوني المعتدي وبين الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن نفسه بإمكانياته المتواضعة جداً في محاولة لتبرئة الكيان الصهيوني من المسؤولية عن جرائمه التي فاقت بوحشيتها كل تصور.
4) عدم وجود آلية ملزمة لتطبيق وقف إطلاق النار بهدف إعطاء العدو فرصة إضافية يحقق بها بعض أهدافه وشروطه من خلال التذرع لاحقاً بخروقات يفتعلها لاستجرار ردّ إستفزازي من فصائل المقاومة تساعده على إستمرار العدوان مما يؤشّر على أن الأوضاع ستكون مفتوحة على كل الإحتمالات في ضوء التطورات الميدانية.
5) القرار يكرّس وضعاً إحتلالياً جديداً عبر تجاهل الإشارة إلى جدول زمني يجبر العدو على الإنسحاب من غزة كي يستثمر إحتلاله لبعض المواقع عند بدء المفاوضات حول الإجراءات والترتيبات الأمنية المتعلقة بالمعابر والمراقبين والأنفاق وتهريب الأسلحة.
6) يعترف القرار ضمناً بفشل أهداف العدوان على غزة والعجزعن تحقيق أية إختراقات في الموقف الفلسطيني.
7) تجاهل المجتمع الدولي لدور القوى الفاعلة على الأرض وعدم الإعتراف بشرعيتها والإصرار على التفاوض مع محمود عباس الذي تنتهي فترة ولايته الرئاسية اليوم مما يعني تمديد ولايته بإعتباره الطرف المقبول أمريكياً وإسرائيلياً وغربياً وعربياً رغم إدراكهم بضعفه وفقدانه كل شيء. فهو لا يستطيع التفلـّت من ضغوطاتهم أو الخروج عن ضوابط توجّهاتهم وسلوكهم السياسي والأمني. إن القفز عن شرعية المقاومة يعني تضمين القرار الدولي أحد أهم عناصر تقويضه.
8) إتضاح معالم مرحلة جديدة من الصراع تحرم العدو الصهيوني من عوامل إستمرار تحكـّمه بالقرار السياسي والأمني وتضطره عاجلاً أم آجلاً للتعامل مع المعطيات الجديدة التي سيكون لها شأنها في تغيير قواعد اللعبة لفترات طويلة بإذن الله.
المرحلة المقبلة قاسية جداً ... وآفاق الصراع مفتوحة ... فلتتكثّف الفعاليات الشعبية وتتصاعد لحشر العدو أمام خيارين: إما الإستسلام لشروط المقاومة أو الإنتحار.
أشرف عبد الرحمن "أبو سامر"
9 / 1 / 2009